بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 آب 2019 12:02ص أعمال الفنان الفرنسي كريم جعفر حركة بصرية تميل إلى الخلق الفنّي للخط العربي

من أعماله من أعماله
حجم الخط
يمزج الفنان الفرنسي المغربي الأصل «كريم جعفر» (Karim Jaafar) الخط بالصورة، لينتج حركة بصرية تميل الى الخلق الفني للخط العربي وجماليته الهندسية، إذ يمسح زوايا الحروف أحيانا ليمنحها الليونة والروحانية ذات السمات الميّالة الى الحركة اللامتناهية للحرف القادر على الامتداد والتماوج، حتى ضمن أسلوب النقاط وقياساتها الفراغية التي تحتاج الى الصبر الدؤوب في التنفيذ، حيث يتشبّع الحرف بالألوان التي تعطيه المدى القصير أو العكس المدى الطويل مع الاهتمام بالصورة التي تنسجم مع المقولة أو الكلمة أو حتى الحرف الواحد الشبيه بالأفعال الحركية لليد، والتي تمثل جزءاً من المعنى الذي يوحي إليه من خلال الحركة واختزال الساكن، وكأنه يدفع بالبصر الى إكتشاف ما قبل وما بعد، ليواكب التأليف الفني في لوحة هي مشهد فرضته الحروف المتوائمة مع بعضها، والأشكال المتناقضة بين طويل وقصير وبين عريض ورفيع، لتصبح مساحة اللوحة هي المسرح الفعلي للحروف والأشكال والألوان، وحتى للأحجام التي تجسّد التكوين الحقيقي في اللوحة. فهل حاول «كريم جعفر» خلق أسلوب تصويري للحرف وتخيّلاته التي تنبثق عن كائن حيّ؟ وهل الحرف في لوحاته هو تسبيح للكلمة التي ينسجها على انها كائن له معنى الوجود؟
تتحد الحروف مع بعضها في الجملة وتنفصل عند الصورة التي تنفرد وتجمع ما تبقّى حيث يمتزج الخط مع الاتجاهات، ليتوحّد مع الصورة الرمزية للجمال المطلق لكل حرف، وكأن الصورة هي الكينونة التي تمنح الحرف الحيوية، وتزيد من معناه الروحاني أو جوهر المعنى للحرف، ليصبح المصدر الحقيقي لوجود الجملة ومعناها، لهذا يترك «كريم جعفر» لشكل الكلمات أن تذوب في الصورة للوصول الى الجمال المطلق حيث الفراغ والامتلاء معا، وان ضمن الفراغات التي تتخذ من تجويف بعض الحروف مكانا لها، وهذا ما يميّز حرف «كريم جعفر» عن غيره حيث الخصوبة البصرية الملفتة، وهي برمزية القداسة للحرف العربي الذي يجعله يبتكر الكثير من الأشكال السابحة في مساحة متحرّرة يحسبها بدقة، لتكون هي المثقال الأقوى لوجود الحرف الواحد في اللوحة. فهل لبعض الحركات الخاطفة في أعماله نسيجاً يزيدها جمالا؟ أم هي بصمته الخاصة في أعماله المعاصرة في الخط الذي ينقلك الى عوالم صوفية في الغالب، وان ابتعدت الصورة عن التصوف في بعضها، إلا انها المحتوى الحقيقي لتعظيم الحرف في لوحاته غير المحدودة في الباطن وبترابط موضوعي ذي ركائز في عالم الخط الذي ينتهجه وفق دلالات فلسفية يؤكد من خلالها على عظمة الحرف العربي وأشكاله المختلفة، وببلاغة فنية هي المعنى الحقيقي لهذا النوع من الفن.
فيض حروفي ذو شواهد عربية تستفيض مع رمزية الرسومات الأخرى التي تحتوي أحيانا الجملة أو الكلمة أو حتى الحرف الواحد ودلالاته الجمالية ان بالأسلوب في الرسم أو المضمون، ومنحاه الابتكاري من حيث قدرته على صياغة العلاقات التي تتشكّل وفق رؤية هي كينونة فنية ذات هواجس وجدانية وحدس وجودي ينقلنا من الجزء الى الكل حيث تتحد الجزئيات وتنتج كتلة بصرية مرنه سابحة في الامتلاء وبتجلّي عكسي مستعينا بقوة الحرف وقدرته على صقله وفق تجويف يقتضي الالتحام أو الاستقلال، وفي الحالتين إما ينهي وإما يبدأ من جديد بإنتاج آخر في اللوحة نفسها، إذ يمنح الحرف عدّة وظائف تبعا لاتصاله أو إنفصاله، وقد يضفي هذا على أسلوبه قدرته على البداية دائما من النهاية حيث يحقق كل حرف استقلاليته أو ذوبانه وإلتحامه مع الكل، وهذه نفحة صوفية يستبطنها كريم جعفر، ولكن يلتقطها البصر دون أن يدرك سر جاذبيتها. فهل من رمزيات صوفية في أعماله المتحررة من الجوانب الدقيقة لهذا النوع من الخط؟