بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 كانون الثاني 2019 12:02ص أعمال الفنان المصري الراحل عبد الهادي الوشاحي الكمال النحتي بصرياً

حجم الخط
يستقرىء الفنان  المصري الراحل «عبدالهادي الوشاحي» (abdel hady el wechahi)المادة فيزيائيا، فيمنحها قدرة على التمدد والتفاعل معه حسيا،  لتقترب من الكمال النحتي بصريا. اذ يتغلغل الى داخل العمق الفني للمادة فيخلق فيها تجويفات احيانا، ليثير ما يشكل الروافد أو البصمات أو حتى حبكة بصرية يتبعها المتأمل الى النهاية لاشعوريا، فتجري الخطوط بليونة رغم صلابة المادة المستخدمة، وبتؤدة تتسق معها المسارات النحتية التي تنطوي على مساحات يختصرها وفق نظم يصوغها برؤى تتشعب منها عدة ثقافات، ترتبط بالمضمون البصري أن جاز التعبير بمعنى الركائز الأساسية المبنية على الكم المغمّس باسرار المادة والمنحوتة معا،  والايحاءات الحساسة المؤثرة على النفس مثل منحوتة  الاديب «طه حسين» واعتماده على العلو والطول والامتداد. اضافة الى منح الحركة صفة الشد العضلي الحقيقي، ليمنحها طبيعة المادة وقدرته على تسخيرها ضمن حوارات داخلية من خلال التجاويف احيانا، ومن خلال الخطوط وانعكاساتها على بعضها البعض. ان من حيث الخطوط الطويلة او القصيرة، وباسترسال كانه يحاور الذات بموضوعية يتناغم معها ضمن الصياغة وبين الفراغ والكتلة، وجاذبية المادة وتأثيراتها على الوزن، وكل ذلك بصريا محاولا تكوين نظرية نحتية خاصة به تميزه عن سواه من خلال الشكل النفسي وتوازنه في منحوتة تعكس الفن الشغوف بالبصريات او بفيزيائية الشكل الغني فكريا او العكس تماما. مما يجعله يتلاحم مع عدة اساليب تختلف في منحوتاته الرخامية او البرونزية وسوى ذلك.
تتعدد الابعاد في اعمال الفنان «عبدالهادي الوشاحي» محاولا منح منحوتاته الحس الشعوري  لتحظى بتأملات المتلقي لها وفهم المغزى المضموني والشكلي او بالاحرى الفيزيائي حيث تتميز تفاصيل منحوتاته من حيث المرونة، والاناقة والعنفوان الانساني خاصة المعتمد على عدة نقاط وهمية صلبة، تشكل غالبا دلالات جزئية توحي بالفراغات واهميتها في ابراز الجمال الفني المغذي للذهن بصريا، بتوازن يعتمد على قدرة الخطوط بين افقي وعامودي والعصف الحسي بين الخطوط والاشكال الاخرى، كالخط المائل باشكال تتواءم مع بعضها البعض مكونة اشكالا داخلية ذات تجاويف او تكعيب بسيط احيانا،  يحفه بنوع من التعبيرات الغنية بكينونة انسانية او فيزيائية او حتى معنى يستخرج منه الشكل بتناسب، كالشموخ، والعنفوان،  والفكر،  والأدب،  والقاعدة الرياضية الموجودة في الأجساد او في الكتلة السابحة في فضاءات يمنحها الحس النحتي المتوازن مع الجاذبية القادرة على الأفلات من ثقل المادة التي يختارها للنحت ان برونز او غرانيت او حتى طين او سوى ذلك. اذ يسخر الوشاحي الفضاء الحرفي  باسلوب خاص به يحدده تبعا للتصميم جيومتريا، مما يمنحه  مساحات مختلفة متعددة الابعاد بشكل رمزي مبطن، وبتكعيبية سردية بمعنى التمثيل المجازي للكتلة من وجهة نظره الحسية قبل الهندسية، لتُبنى المنحوتة حرفيا قلبا وقالبا اي وجدانيا وعقلانيا، وتعطي قيمة روحية للشكل دون أن يتأثر الفضاء المتخيل بذلك من حيث الكتلة والضوء وخصوصية التصغير والتكبير، وفروقات قواعد النحت بين مادة ومادة أخرى. 
تعود رؤية اعماله الى فضاءات النحت في مصر القديمة وتطويرها من حيث المنطق التاريخي للنحت وتطوره متبعا مسار السرد المادي، وهذا يمثله او يجسده بالامتداد والجاذبية من منظور يلائم الواقع والبنية المؤكدة على الانماط المتمسك فيها، وفق التسطيح والعمق معا،كأنه يدعو المتلقي لمشاركته المحتوى قبل الشكل. مما يجعل البصر يتعايش مع العامودى والعلو والافقي والفراغ، وكأنه يستولي على المساحة وجمودها الزمني. اي الماضي دائما واهميته التاريخية في النحت او فناء الإنسان او المادة والابقاء على فكرة الوجود في التعبير الخفي او المبطن مع رغبة في خلق تناقضات في التماثل والتناظر والسيمترية والكثير من المفردات الجيومترية التي يعتمدها في منحوتاته.