بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 تموز 2018 12:04ص أعمال الفنان المكسيكي ابراهام الترمان الحس الفني والانفعالات المشغولة...

حجم الخط
تحتوي ألوان الفنان المكسيكي «ابراهام الترمان» (Abraham el terman) على انفعالات فيزيائية تنسجم مع حيوية الالوان التي يستخدمها. لتبث الحرارة الوجدانية للمتلقي، وللبحث عن محو الصراعات من داخل النفس الى خارجها فمحيطها. اذ تكلل الهالات الضوئية الالوان  المتداخلة داخل الاشكال الايحائية وفق مزاجية الحس الفني، والانفعالات المشغولة بتقنية ذات تعبير تكاملي تطغى على الصراعات الانسانية حيث يوزع المعاني الجمالية بهدوء في مربعات ومستطيلات شفافة، يطمسها ويظهرها رغم الانفعال المحسوس بصريا، وبخصوصية افتراضية تحفز على استخراج الانعكاسات التي تصل للعين من تأثير الخطوط والالوان، والاشكال التي تحتل مكانة شاعرية.  لتمكين النظرية الانسانية التي يسعى الى تطبيقها «ابراهام الترمان» من خلال اللوحة التي تمثل المشاعر الانسانية الداخلية، والاحاسيس الجمالية بمؤثرات فيزيائية قائمة على معادلات الالوان، والجاذبية البصرية المؤثرة والمتاثرة من الخطوط الموزعة، المجسدة للانسان داخل الانسان نفسه، وان بتعبير مخفي ايحائي يعتمد على شاعرية اللون ومعناه الفني ضمن غاياته التشكيلية المفعمة بالحس الانساني والبحث عن السلام الداخلي، لمحو اللون الاسود او قوى الظلام التي حصرها بأشكال معينة، لتمثيل الاهداف التي يحددها بالعاطفة الجمالية في اللون وايقاعاته المختلفة دون ان يتأثر فضاء اللوحة بالمحتوى الذي يتفاعل معه المتلقي حسيا وعاطفيا، وبتأثير ثلاثي ينبثق من اللون والخط والاشكال المتداخلة.
تتماشى الايحاءات الداخلية في اللوحة  مع الجمال النسبي الذي يهدف اليه «ابراهام الترمان» ليجعله المحفز الحقيقي للوحة التي تنطق بقيمة الجمال وتساؤلاته  المرتبطة بأهداف انسانية وقيم فنية ، وبالتالي الحفاظ على البعد العاطفي في الالوان ودرجاتها التي تمنح الابعاد الضوئية تضادات  تجمع الخير والشر، والالم والفرح والمشهد المنسكب عبر الخطوط اللينة والقاسية، وبفهم عميق لمراحل البناء التشكيلي والزمن المتشكل بين الخطوط التي يجمعها ويفرقها تبعا لاحاسيس الشكل وانفعالات الريشة،  وكأن الصراع والموت ناتج انساني والجمال والطبيعة ناتج كوني،  والدمج بينهما كالدمج بين الحياة والموت. فهل يحاول «ابراهام الترمان»  اكتشاف فيزياء الكون من خلال الانسان والالوان والطبيعة والاشكال. ام هي محض صرخة امام قوى الشر في العالم؟.
ما بين الاخضر والازرق والاحمر والبرتقالي، رمزية الحب والعطاء والفطرة الانسانية التي نولد عليها،   والاسود بين الالوان  هو لخلق  تعبيرات مختلفة قوية لوجودها بين الاشكال التي تترك احاسيسها، كقصة باكية على سلام يبحث عنه «ابراهام الترمان». لنتأمل اسلوبه الشاعري في رسومات اندمجت بصريا مع السرد اللوني دون تعقيد بصري، بل! بجمالية فنية ذات تكنيك معاصر. ليميط اللثام عن معنى فني فيزيائي يخاطب به اصحاب المشاعر الانسانية، ويلامس به الحركة الدراماتيكية المحببة للنفس، والقادرة على المحاكاة البناءة في تحقيق حياكة رومانسية في لوحة تتميز  بالتناغم، والايقاع البصري المنسجم موضوعيا مع الخيال الحسي، وخاصية الايحاءات الدراماتيكية الشديدة التعبير في معطياتها البصرية وابعادها الضوئية،  وحتى بين الداكن والفاتح، وبتضاد في معاني الخير والشر او الكل والجزء، وقوة الانصهار اثناء ابراز قوة المشاعر التي تطغى على رقة الخطوط واندماجها مع المنظور الفني الرومانسي،  وأبعاده الدقيقة  وبساطته التي توحي لك بسهولة هذا الفن. إلا أنك حين تتعمق في التنويعات الحركية والخطوط الدقيقة تدرك انه ذو قدرة كبيرة على تشكيل لوحة بمقاييس فنية تعبيرية واقعية لها تأثيراتها على النفس من توليف ألوان وتضاد يظهر من خلاله القيم الايجابية في الفن التشكيلي. 
اعمال الفنان المكسيكي» ابراهام الترمان» (Abraham el terman) من مجموعة متحف فرحات.