بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 حزيران 2020 12:00ص أعمال الفنان جيانكارلو زارباني رمزية موسيقى الألوان

من أعماله من أعماله
حجم الخط
تجاوزت تقنيات الألوان في أعمال الفنان الايطالي «جيانكارلو زارباني» (Giancarlo Zerboni) الانغماس التقليدي في الفن التجريدي الذي لا يمكن تجاوزه بصريا، لما يثيره من من مفاهيم جمالية تحكمها رمزية موسيقى الألوان، لإظهار خصوصية تتطوّر مع الفكرة التي يعالجها في اللوحة فسيولوجيا، وبشكل محسوس ومن منظور عكسي ناتج عن التضاد، بتحدّيات تقنية هي جزء من عالم اللون الخاص به، لتكوين ذاكرة لونية ذات تعقيد في أشكال إيحائية تتوالد من أساسيات اللون التي لا تقتصر على الضوء فقط، وإنما بشكل كبير على الظل وأبعاده، وقدراته في تشكيل تدرّجات ألوان استثنائية منصهرة مع الجزء، ليترجم تقنية ابتكرها عبر إيقاعات يستثمرها لإظهارها بشكل مجازي مع الكل، وكأنه يعزف مع الألوان موسيقى خالدة بعيدة عن النسيان، ليؤكد على قوة ذاكرة اللون في لوحاته التي يحسم فيها جدلية تقنيات موسيقى الألوان وأبعادها في الفن التشكيلي معتمداً على انقسامات درجة كل لون الى عدة درجات، وبالتالي تحتل التأملات مساحات كبيرة في أعماله، وتساهم في خلق أشكال ضمنية تهيمن على الفكرة الأساسية وتطمسها أحيانا لتكون التحليلات هي المكوّنات الأساسية لرؤية لوحاته أو للكلام عنها، مما يعطي معنى للتشويق والتحفيز الحسي في الفن التشكيلي بشكل عام. فهل التجريد في أعمال الفنان «جيانكارلو زارباني» هو الابتعاد عن التجزئة اللونية للحفاظ على المحتوى التجريدي المتذبذب بين الذاكرة البصرية ونسيان التفاصيل الأخرى؟

تتميّز الهياكل اللونية في أعمال الفنان «جيانكارلو زارباني» بالمتغيّرات الضوئية التي تشكّل نوعا من أنظمة يعتمد عليها في تشكيل مبادئ أسلوبه المرتبط بالتناقضات التحفيزية، المؤثّرة على التذوّق، فالأطوال الموجية المختلفة ضوئيا تثير شغف الإدراك اللوني لمتابعة اللون مثل إدراك اللون الأحمر أو اللون الأصفر، وهكذا دواليك عبر جميع ألوان الطيف المؤثر أو ذات البصمة التجريدية التي تمثل الخصائص الفيزيائية للألوان التي يستخدمها في لوحاته، وكأنها تحترق ضوئيا مع إيقاعات الألوان وتتوهج مع تموجات ذات مركز أحادي، بمعنى كأنه يجمعها في باقة ويقدّمها في لوحة فنية تقدّس الحياة أو تميل الى إعادة الكون الى أصوله قبل التلوثات البصرية التي أصابته. فهل يتجاوز زارباني الطبيعة من خلال الألوان أو يكافح من أجل الألوان التي تتنامى وتتنافس وتتوهج عبر تقنية مشتقة من التجريد الضوئي للوني، ليخلق الاتحاد المثالي بين اللون والفكرة، وبين الضوء والتلاحم والانصهار مع كل ما يبهر البصر.

تميل الألوان الدرامية في لوحات زارباني الى تمثيل العنصر الأقوى في اللون، وعبر تقنيات الرسم القوية بصريا، لإظهار خصائص كل لون من حيث قوته وضعفه، كالأصفر والأزرق والأبيض الذي يميل الى التعبير عن مشاعر المرء بتجريد دون وصف تصويري، ليبتعد عن التقليدية في تمثيل المشاعر الحسية في الرسم باستخدام السيولة اللونية، وببذخ يعكس المزاج الموسيقي المتغيّر صعودا وهبوطا، والمتأثّر بالطبيعة اللونية وجمالياتها، لطمس الأشكال الثابتة والبقاء مع المتغيّرات أو مع الحركة التي تخلق عدة انطباعات، وبمنظور ضوئي وهذا يوحي بعدة انطباعات خاصة وكأن درجات الألوان في أعماله تتلاشى كلما حاولنا الابتعاد بصريا أو التغلغل في عمق اللون، بل كأنه يحاول تشكيل مقطوعات موسيقية أو سحابات بصرية، وبمنطق التحدّي أو بمنطق الإمساك بشدّة الضوء وإبرازه عبر الألوان، كأنه يحاصر الضوء عبر إيقاعات الألوان أو احتراقها، لتتضاعف التدرجات الأخرى كأنها خلايا ضوئية التحمت بالألوان وخلقت الكثير من الألوان الأخرى، وبتباين لوني يدمجه مع النغمات والعناصر الفنية التي يمتلكها في ريشة تعزف سمفونية الجمال.