بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 كانون الثاني 2018 12:18ص أعمال الفنان راؤول كونتي التاريخ المشترك للانسانية في الفن التشكيلي

حجم الخط
ترمز اعمال الفنان «راؤول كونتي» (Raoul Conti) الى التاريخ المشترك للانسانية في الفن التشكيلي واحجامه المتقاطعة بين التركيبات المتناقضة حسيا وماديا. اذ تعبر اعماله عن الدوافع الفنية وابعادها الاستكشافية في الرمز من خلال الاستحضار للرموز القديمة، بتحديث بصري يميل الى خلق حيوات غرائبية، تستمد وجودها من ريشة مشبعة بالدوافع الانسانية واساطير الميثولوجيا القديمة، بنظرة ذات تجريدات تقليدية وحديثة.  للبحث عن هوية فعالة تتحرر من هيمنة الفكر التشكيلي القديم، والالتصاق بالجديد للجمع بين ما هو رياضي  وما هو هندسي،  عبر المزج الموشى بالحاضر والمستقبل،  وفروقات ما بينهما في وحدة الفكر والشكل والطبيعة الانسانية المتحررة،  والمقيدة  والصاخبة والساكنة،   وما بين التقليد والحداثة يقف الذهن بين جمالية العصف البصري في لوحات «راؤول كونتي»، وما بين العصف الوجداني والحسي في لوحات حارة اكثر منها باردة،  وتمثل التجدد الزمني في اللون من خلال تطور الانسان عبر العصور القديمة والجديدة منها. فهل يحاول «راؤول كونتي» بث الاساطير الحديثة في لوحات يغلب عليها الرمز الاحتفالي في الحياة او بالاحرى الطقوس الفنية بين الانا والاخر ؟.
يقيم الفنان «راؤول كونتي» كرنفالاته في عمق الوان لوحاته التي تشتعل وتخبو وفق خصائص الرؤية التي يتبعها من زاوية النشأة الاسطورية للانسان، والتدرجات في الاشكال من المستطيل والتناوب الامامي والخلفي مع الاشكال ببعضها البعض. لانتاج ايقاعات نغمية ذات فكر لرياضيات متناقضة،   لتصبح المسافات هي الاشكال الجديدة التي تتوالد من الحقائق المتخيلة بين السطوح المغلقة في اللوحة والفراغات ذات الفضاءات الواسعة. لخلق حرية في التفافات الخطوط المستقيمة، والمتعرجة والزخرفة الممجوجة من خلال تدرجات الالوان قوتها وسطوعها، وضآلة بعض الالوان الممتزجة معها. اذ يظهر التمثيل الهندسي في الاشكال، كتجريد انساني يعيد كل الاشكال الى اساسها او طينتها او ماديتها. لتبقى الالوان هي المشاعر الدفينة للاشكال التي تندثر وتحل محلها الايقاعات الداخلية للمخلوقات الاسطورية التي ما زلنا نحتفظ بها حتى يومنا هذا. فهل يترجم «راؤول كونتي» الاسطورة بأدوات التشكيل الحديثة من خلال الزاوية الفنية الخاصة للواقعية السحرية في الفن التشكيلي؟ 
تصغير وتكبير واختلاط لمفاهيم متعددة في الفن البصري الذي يعتمده «راؤول كونتي»  عبر تركيبة كيميائية خاصة للالوان والاشكال معا، ليعيد تصحيح  الماضي الاسطوري للانسان وتطورات التجارب الانسانية التي وصلت الى المنحى الحديث الذي نراه في لوحاته المرئية والمخفية، لابراز عمق الواقع المختلف عليه بمزج العناصر الفنية والتجريدية والهندسية وما الى ذلك مع بعضها البعض. لتبقى  الحقيقة هي اللوحة التي تنتجها ريشة مشبعة بالتاريخ وبالواقع السحري  الذي يكشف عن قيمة التحول في الحضارات غير المحددة بالشكل الانساني المتغير والاختلافات الزمنية المؤثرة على المادة والتشابه الوهمي بين المستطيلات والمربعات والدوائر والمنحنيات والخطوط والانسان يشكل عام بين مختلف خطوطه الحياتية التي يغرزها «راؤول كونتي» بفلسفة  يخلط معها العلاقات الحميمة عند الانسان بمحيطه الداخلي والخارجي المرتبط به، والمتمسك به اسطوريا وواقعيا بتناقض يتمثل في قيمة التفاعل الطبيعي بين الفكر والشكل  ورمزية المشاعر الجمالية وايقاعاتها الممتدة على مساحة اللوحة.  
الفن التشكيلي البصري المتسع مع الالوان الداكنة والفاتحة والمبادىء الاساسية في تراكيب الالوان مع بعضها البعض ضمن درجات يحتفظ بها «راؤول كونتي» في ذاكرته التي تتلاحم مع الاساليب المستخدمة. لخلق متعة بصرية تثير الغموض الفكري، وتستدرج الذهن لاستكشاف اللعبة الاسطورية الحديثة، ليرفعها الى مستوى كوني نابض بالفلسفة الوجودية والشاعرية القوية بين المرأة والرجل على سواء دون ان ينفرد بالتضاد بين الطويل والقصير، والرفيع والعريض وجوانب الجمع بين الاشكال المخفية والظاهرة. لتتساوى الاشياء من زاوية النظر الى اللوحة وقوة معناها ورومانسيتها والواقع السحري الذي يغلفها به. فهل نحن في متاهة عصر نعيش فيه الميثولوجيا الحديثة في لوحات تشكيلية تجمع الفنون في بوتقة الحقيقة الجوهرية للكون؟ 
اعمال الفنان «راؤول كونتي» (Raoul Conti) من مجموعة متحف فرحات.