يستقر الغموض الحركي في اعمال الفنان «رالف سكارلت» (Ralph Scarlett) بتأثير لوني مضاعف، يستهدف من خلاله تسهيل فهم النهج البصري واشكالية متغيرات الالوان، وفق احتياجات الشكل في سياق هندسي يحتوي على معالجات يفككها منطقيا او بالاحرى رياضيا. ليضعها ضمن قياسات جيومترية يمارس عليها سلطة ريشة تمثل الحركة الضوئية ابرز اسسها في تشكيل المعنى. او في بناء الاطر الهندسية التجريدية التي تؤدي الى خلق معايير تشكيلية ذات احتياجات فكرية تسمح بتحديد المساحات المسطحة في لوحات تمثل الفكر الفلسفي في الفن التجريدي الهندسي. المؤدي الى كافة الفروع في الفنون التشكيلية او في الفن الحركي الهندسي بشكل خاص الذي يميل الى الفيزياء والرياضيات من خلال اللون والشكل، وتنافس كل منهما في خلق حركة هندسية في لوحة يدعو «رالف سكارليت» من خلالها الى التفكر بالمقاييس الخارجية اولا ومن ثم الداخلية، لاستخراج الجمال التجريدي من كل شىء حولنا. فهل يمكن اعتماد تشريح لوحاته لفهم ما يرنو اليه؟ ام انه استطاع الانتقال من الكل الى الجزء ليبرهن على قدرات الانسان العقلية وحاجته الى تسخير المعادلات البصرية لتكوين جمالي ذي رؤى فلسفية خاصة؟
بصرف النظر عن استقلالية الهندسيات في اعمال «رالف سكارليت» او بالاحرى فصل اللون عن الشكل لاظهار جملة الحركة العامة في افكاره الجمالية، وتحدياته الفلسفية. يمثل الابداع الذهني الجزء الاكبر من التحريض البصري الذي يمارسه من اجل تحقيق المنهج المرن، وتطبيقه على العناصر الفنية الاخرى. لاختزال معالم اللوحة، وهذا يساعد في فهم اسس النقد الفني الذي يميل الى التشريح لاستخراج قدرة الفنان ومقاييسه التي اعتمد عليها، وهذا يشكل بحد ذاته تحديات لفنانين اخرين ينافسهم «رالف سكارليت» بالفن نفسه بحيث لو شرحنا لوحاته لوجدنا مسطحات بنائية تشكل كل منها النهج الفني او البصري الذي اعتمد عليه في بناء لوحاته بشكل عام للتمييز بين الاحتواء اللوني والشكل، او العكس بين الانفصال الشكلي والحس اللوني المستقل بخصوصياته من حيث نغمة اللون او درجته في المزج اي اللون الاساسي وفروقاته. ليتكون اللون المركب ايضا من معايير لها مقاييسها المتباينة مع الانعكاسات والابعاد التي يقارنها بصريا مع المساحات والفراغات، والانسياب الضوئي لقيادة التجريدات الهندسية نحو معادلة احادية تمثل قوة الارادة عند الفنان في الخلق الفني.
حاول الفنان «رالف سكارليت» ربط الشعور البصري بالالوان بالعالم الهندسي القابل للترجمة التشكيلية، المنبثقة من العوالم المختلفة من حولنا. واقصد هنا عوالم العلم والمعرفة والجمال بفروعه كاملة الخ، وباستثنائيات يتخذ منها صفة النضج، وكأنه يمثل ثمرة هذه الفروع ليتلاحم الداخل مع الخارج وفق خطوط دقيقة تمثل القوة الحقيقية في اللوحة التي تعكس مفهوم الشكل الخارجي، وانعكاسه على الداخل وقوة المعنى التي تبرز من خلال خلق الاضداد. ليسيطر على الخارج ويبسط سلطته الفكرية على الفن التشكيلي متحديا النظريات الجيومترية والهندسية المؤثرة على واقع العالم الانساني. وبالتالي تؤثر على منهج الفن التشكيلي واستخراج الشوائب منه. لتتضح حتى معايير النقد واشكالياتها من لوحاته. فهل تؤسس لوحات «رالف سكارلت» مدرسة نقدية معاصرة تضع حجر الاساس لمفهوم النقد باسس ومعايير هي بمثابة نقطة على حرف؟
تتجلى الثقة الكبيرة في نفس «رالف سكارليت» من خلال لوحاته وتعريفاتها المسبوكة تشكيليا وفق علاقات اللون والشكل، وهندسية الظواهر الجمالية التي تثير انعكاسات كل ما هو خارجي على واقع تم تجريده، وفكفكته نتيجة التوجس من الخلل الهندسي ونظرياته في التكوين المتزامن مع العناصر في اللوحة. ليتم تحرير الاشكال والالوان بصريا .،لو اردنا ذلك! فيتجلى الخط بقدراته القوية على وضع الاسس لتوحيد النماذج الفنية في بوتقة ضوئية تمثل الكل في جزء التي سعى الى تحقيقها بشكل كامل «رالف سكارليت» لتبقى الخطوط الجانبية هي للتأليف واظهار العلامات بين الاشكال التي يتخذ منها نظريات تؤيد مفاهيمه في فهم النهج البصري واشكالية متغيرات الالوان وفق احتياجات الشكل. فهل يمكن الانطلاق من ثلاثية الفنان والعمل الفني والمتلقي لوضع لوحة ذات شروط فنية تميل الى التجريد والهندسة ونحو غيرها من الفنون؟ لوحات الفنان «رالف سكارلت» (Ralph Scarlett) من مجموعة «متحف فرحات».