بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 أيار 2019 12:55ص أعمال الفنان ريتشارد انوسزكيوز لغة الشكل البصري وقوانينه الفنية

من أعماله من أعماله
حجم الخط
تخضع أعمال الفنان الأميركي «ريتشارد انوسزكيوز» (Richard Anuszkiewicz) لقوانين الشكل ومفهوم اللون وأبعاده، وتغيّراته وتأثيراته الوظيفية المبنية على لغة الشكل البصري وقوانينه الفنية، لإظهار قوة تمثيل الوعي، وقدرة الخطوط على نسج العلاقات بين ما هو حسي ضوئي أو مادي لوني من خلال الترابط المتين بين التصميم والشكل، والصفات الدقيقة الناتجة عن معادلات يتركها في لوحاته لتكون بمثابة المفتاح البصري لاكتشاف ذيذبات المثلثات والمربعات وغيرها، بتفاعل هندسي بين الكل والجزء، والتلاحم المؤدّي الى النمو والنقصان من خلال مفهومين هما القريب والبعيد، والصغير والكبير والمتناقضات التي تؤدي دورها الفعّال في استكمال الأشياء الذهنية. لهذا تحاكي لوحة «ريتشارد انوسزكيوز» هذه البصر بمختلف القراءات القائمة على قاعدة فنية أخضعها لقوانينه التي حددها بالشكل واللون واللعبة الذهنية في الاستكشاف والتغيير، والتطوّر من خلال الحركة والضوء والمتغيّرات والأبعاد، ولا أكرر المفردات هنا، إنما أحاول خلق تفسيرات متنوّعة فرضتها لوحته على المتلقّي الى حد كبير، والتي دخلت الى النظم  البصرية بجرأة الابتكار الذي تطوّر حاليا عبر تقنيات حاسوبية، لندرك قوة تصميم اللوحة ومعاييرها الهندسية الصحيحة القائمة على فن هو لغة عقلانية بين المتناقضات في الشكل وسياق الألوان.



ينظم انوسزكيوز ألوانه بتدرّجات يستحسنها الحس الذوقي عند المتلقي، لرقة تغيّراتها من بُعد الى بُعد، وللحريات الضوئية ونطاقها الواسع المتآلف مع المساحات والمنهج المتناقض الذي من شأنه إظهار قيمة الخطوط كافة في انسجام يهدف الى خلق عوالم متعددة من الأشكال، وفق نغمات تتألف منها موسيقى الألوان للتعبير الهندسي عن تكثيف أشكال الأشياء المرنة، والانتقال من شكل الى شكل داخلي عبر الرؤية الخارجية المفتوحة على تأويلات بصرية يحاكي من خلالها العناصر المرئية كافة، وبتكوين يعزز من خلاله الخيال لمخاطبة الأفكار الهندسية المتوالدة من الشكل نفسه الذي يمكن له أن يتطوّر ويؤلف عدة أشكال في لوحات أخرى لا متناهية. إذ تساعد الخطوط على توضيع التفاصيل الهندسية الدقيقة التي تؤدي الى ناتج متجدد وفق خبرات الخط نفسه، بمعنى متغيّراته ضمن المساحة والطول والعرض وأشكاله الأخرى. فهل حاول انوسزكيوز استكشاف قدرة تنظيم الألوان والأشكال عبر نبرة كل منهما البصرية؟ أم انه قام بتطوير المصطلحات الفنية الهندسية عبر فن مرئي حركي هو ميزان العمق ومساحة سطح الأشكال الأخرى؟ 

مؤلفات بصرية هندسية هي حركة دائمة تشكّل نوعا من التحليل العميق، لجدليات التكنولوجيا الفنية ونتائجها على الفن نفسه، وعلى نفس المتذوّق له. إذ تتوهج الألوان مع حركة الضوء والتأثيرات البصرية وفق تباينات الفاتح والغامق وفروقاتهما التي تكتسب من صرامة الدقة تنظيم التصميم وبناءاته الهندسية المؤثرة على اختلافات الأشياء، وما يتبعها من إدراك حسي يتماهى مع خداع العين والفروقات المتعددة التي تبدأ ولا تنتهي من اللاشيء الى اللاشيء، وفي أبسط تعبير لوني وأشد تعبير هندسي، وبين الأثنين ما يشبه الحقل المغناطيسي الذي يشد الأطراف نحو العمق، ومن ثم يفتحها نحو السطوع، بتوهج ضوئي يتسرّب خلف الألوان، كأنه يدفعها لتظهر الأشكال والأحجام فسيولوجيا، وبغموض الوهم الافتراضي للشكل الآتي بأثيرات التذبذب والاهتزاز، ليطرح بذلك مسألة التصوّر المستقبلي لأزمنة وأمكنة ناتجة عن الأول وهذا الفن يوحي بالإدراك المستقبلي للأشياء عبر فلسفة الوهم والحقائق المدروسة من دقة التأليف أو التقاط مساحة أصغر شكل لاستخراج كافة الأشكال عبر لوحة تمثل لغة التآزر والتضاد في المتناقضات البصرية ولغات أخرى.

أعمال الفنان «ريتشارد انوسزكيوز» (Richard Anuszkiewicz) من مجموعة متحف فرحات.