بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 تموز 2020 12:00ص أعمال الفنان ماوريتسيو كاتيلان القوة البصرية الإستفزازية في الفن

من أعماله من أعماله
حجم الخط
يستفز الفنان «ماوريتسيو كاتيلان» (Maurizio Cattelan) جماليات الفكرة، فيختطف الحواس بخفّة فنية تميل إلى النقد اللاذع أو السخرية من الأحداث الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية من خلال المشهد الفني البسيط، كاليد المبتورة الأصابع والباقي منها الاصبع الوسطى المرفوع بقساوة، ليوحي بقمة الغضب أو حتى باليد الاقتصادية أمام مبنى البورصة في ميلان، وبشكل مجازي لا تغيب عنه القوة البصرية الإستفزازية في الفن، وبتأطير يعكس الكثير من الإحاطة لمواضيع تنتج هذا النوع من الفن عند الفنان «ماوريتسيو كاتيلان» وبمواجهة فنية أمام الكثير من المواقف التي تحتاج إلى جرأة في المواجهة ومن خلال الفن. فهل فتح ماوريتسيو الطريق أمام الفنانين لينتصروا على الفكرة الفنية التي تعيق الابتكار؟ أم أن هذا النوع من الفن هو ضروري لمواجهة الأحداث التي تطرأ على المجتمعات كفيروس كورونا والانهيارات الاقتصادية التي يواجهها العالم؟

يستطيع الفن التشكيلي التعبير عن الكثير من الآراء السياسية والاجتماعية والأخلاقية، والإنسانية الأكثر تمزّقا وتآكلا والتي تتسبب في بث روح النزاع الإنساني أكثر من إرضاء العين جماليا، فيمنح النفس قوة لمواجهة المشكلات بأسلوب حضاري فني أكثره قوة من المواجهات العنيفة، بل وتبقي هذا العمل الفني ينتقد الحدث على مدى الحياة، ليؤرّخ للانتهاكات التي يواجهها الفنان بعمل فني منحه لمسة من سخرية أو جرأة بصرية أو حتى يغزو به من يقامرون بالإنسان، ويمنحه الوظيفة الفكرية أو الفنية التي تحاكي المرحلة وما بعدها بهوس هو كوميديا بصرية سوداء أكثر مأساوية من الحدث نفسه الذي استفزّه ومنحه لمسة ابتكارية جعلتنا ننجذب نحوه، وفق الإيحاء البصري الذي لعبه هذا العمل تحديداً واستفزّني بل، وكأنه المحرّك الأساسي لانتقاد الكثير من الأحداث التي تجري اليوم وبمتعة الإكتشاف لمراحله التي ندرك من خلالها مدى جنون الفنان واحترافيته في التقاط المهزلة الكارثية التي يتسبب بها أصحاب الأحداث المأساوية التي تجري في العالم. فهل من فن بصري ينتصر لفكرة المواجهة الأخلاقية والإنسانية؟

جرأة يتصف بها الفنان ماوريتسيو، وحركة تعكس حس المواجهة المأوساوية بالعمل الفني الهزلي القادر على حبك المواقف التي تلفت الانتباه، وبإزدراء بل وبتنفيس عن غضب كبير أنتج هذا العمل المتميّز بالقوة في المواجهة والانتقاد الى أقصى الحدود، لأنه يتصل بيد الإنسان نفسها التي تقوم بالأفعال السلبية أو القاتلة للإنسانية، وهي نفسها اليد التي توجّه اصبعها الى الجمال المطلق، وبوضوح ينتج عنه الكثير من المعاني المجازية التي تحملها منحوتته، بذكاء يوحي بضبط النفس والاعتماد على السلوك الفني المواجه للأخطاء، وبتمرّد على الرذائل بالرذائل، لكن باستبطان لا انتهاكات فيه لحقوق الإنسان، بل يحافظ ماوريتسيو في أي عمل فني أنتجه على حقوق الإنسان والحيوان أو حتى على الحكم المدغدغ للشعور الدفاعي عند الغاضب أو الثورجي الانفعالي الذي تدفعه الأحداث الى أعمال الشغب، مما يجعلنا ننظر إلى الفن من خلال هذا العمل كمؤرّخ يحافظ على حيوية الفكرة التي انتجت هذا العمل بعد أن أصبحت من اللحظات التاريخية التي حفظها جماليا في منحوتة. فهل من عبث فني يفتح الطريق أمام الانتصار لفكرة نحملها ونترجمها في لوحة أو منحوتة أو غير ذلك؟

تحفيز فني للحواس الناشطة للاكتشاف الجمالي ودلالاته الانتقادية للمجتمعات، وبملامح بسيطة تعبيريا ضمن الومضات التي يلتقطها البصر ويحللها الفكر، وتشكّل نوعا من الغضب الذي دفع الفنان لابتكار هذا العمل ومنحه صفة انتقادية دائمة نستعيد من خلالها ضرورة الفن في مواجهة الكثير من الأحداث بعيداً عن إرضاء العين.