بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 آذار 2019 12:08ص أعمال الفنان محمّد قباوة زوايا جمالية خاضعة لعناوين بصرية

حجم الخط
يستخرج الفنان «محمد قباوة»  (Mohamed kabaweh) من توازنات العناصر التشكيلية رواية يومية لفكرة النقد المجتمعي او الإنساني،  ليفتح ابواب الرؤية الفنية على مصاريعها حيث يرى كل متلقي الحياة بشكل مختلف، في لوحات يمدها بمنمنمات مصغرة هي بيئة ذات هواجس زمنية تطرب لها الامكنة التي يستحضرها  بدفق ضوئي يجسد الحياة بظلالها وصخبها عبر الثقافات الشعبية والتراثية. مما يخلق حوارات بين كافة رسوماته  ذات القضايا الاجتماعية، وبدمج لتراثيات وانطباعات تؤلف النسيج المعنوي في بناء اللوحة ومقاماتها التأملية. بتفاعلات يشد أزرها عبر مساحات معينة تمثل كل منها الداخل والخارج بخفوت وقوة، اذ تتأرجح  الاشكال وفق أساليب ريشة تؤكد على اهمية التعبير والتمثيل اللوني في لوحات لا تقتصر على جذب النظر، بل! تغلف المشهد الحيوي بمتخيل آخر، وبشكل ديناميكي يفتح الحدود بين الكلي والجزئي، وبين التفاصيل الدقيقة التي تحيط برسوماته، وتمثل الوجود والتراث والازياء والفلكلور، كأنها حكايات مصورة تروي القضايا الإنسانية العالقة في الذاكرة، والتي يصعب محوها. لتدخل في اللوحة ضمن الحكايا التشكيلية وتراثياتها الإنسانية بفن هو رواية يومية  بحد ذاتها. 
تتضح مفاهيم الالوان في اعمال الفنان «محمد قباوة» وتحدياتها البصرية من حيث الفواتح والغوامق، ولعبة الأضداد التي يركن اليها في تكوين منمنماته البسيطة والمعقدة، والتي تتضمن ثقافات تكشف عن تفاصيل اجتماعية تربط بين الافكار الجمالية المنسوجة بوتيرة نغمية، تؤدي الى مؤانسة حسية تهدف الى  جذب وجداني ذي قيم انسانية، ذات مدلول تاريخي ينطوي على معنى الحياة في مناطق شعبية زاخرة بجمال المرأة والطبيعة والمدن والقرى، حيث تتمادى الريشة بإظهار عمق المعنى. ليعطي للمساحة ابعادها ويفتحها على مشهدية ذات طبيعة غناء تتجدد معها التعابير وقسمات الاشكال المنتقاة، كتخاريج تشكيلية هي توزيع فني متوازن يميل الى الحنين والنغمة البصرية المجبولة بحس نابض بالجمال، وبمكنونات لونية متعددة التدرجات، وبموضوعية هي فضاءات صريحة بمشاعرها نحو الاماكن الغنّاء، والشخوص التي تكتنز الحكايا وتحولها الى لوحات ذات امتدادات تغمرها التخيلات الفنية النضرة في الوانها الزاهية غالبا، مضيفا اليها عذوبة التأثر والتأثير، وحيوية الالتفاف نحو المواضيع الاخرى التي يرسمها وفق المخيلة الشعبية. وتداعيات الحركة التي يأنس لها البصر خاصة حركة الالوان وتداخلاتها، الخاضعة لكينونة اللون واساسياته وصياغته ضمن نسب يمزجها بفن ذي مزاج خاص. 
تنصهر الطبيعة الحياتية مع المتخيلة في لوحات قباوة التي ترفل بالتصورات الجمالية الوافرة في الكم والكثافة.  وفي التعبير عن زخم الحياة العربية المنصهرة بالمحيط  ضمن استرسال الريشة بحكاياها، وديمومة الوجود الانساني المتشكل في لوحاته وفق تقنية الحبك والتشكيل، والصياغة المدروسة في التوزيع لاحجام، واشكال تجتذب الرائي اليها بمتعة يرتشفها حسيا. اذ تارة تاخذ المتلقي الى الدار العربية القديمة وحديقتها الموشوشة للحواس، وتارة اخرى ينقلنا الى الاكتظاظ  المحموم بالالوان، والموحي بالمحبة والدفء العائلي وجمال الحياة المتكاتفة، والمتماسكة اجتماعيا للولوج في عمق التقاسيم التشكيلية التي تجبرك على الاستمتاع بالمشهد حيث الازمنة والامكنة تتمتد مع العصر الحديث دون اشاحة البصر عن شعبية المعنى والحضور للحكاية في رمزيتها وتعبيرها، ان لونيا او بالتفاصيل الاخرى حتى تكاد العين ان تلتقط اشارات اللون ومعناه في تدفق الاختلاجات، واكتمال التمثيل المنطقي لتقاسيم تجتاحها الالوان. لتصفو المساحات العابقة بالمتناقضات في لوحة غنائية هي اناشيد الخطوط المختلفة المدى وانعكاسات تتلاشى عندما ينجلي المعنى الذي تتشكل منه زوايا جمالية خاضعة لعناوين بصرية تجسد الحياة. 
اعمال الفنان «محمد قباوة»  (Mohamed kabaweh) من مجموعة  متحف فرحات. 



dohamol@hotmail.com