بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 كانون الأول 2020 12:00ص أعمال الفنانة أيرس شكوماكر: مجازيات المشهد التأمّلي

من أعمالها من أعمالها
حجم الخط
تسترخي التفاصيل الفنية في أعمال الفنانة الألمانية «أيرس شكوماكر Iris Shomakr» على الورق، إذ تطمس ما هو متخيّل بالتكوينات الدقيقة للخطوط المتناقضة مع بعضها البعض، وضمن اللونين الأبيض والأسود أو أحادية اللون الواحد أحيانا، وباختزال للأشكال والألوان، وان استندت على التجريد القوي بصريا، إلا أنها استطاعت منح مجازيات المشهد التأمّلي قوة فراغية مفتوحة على المساحات وأبعادها التصويرية التي تخلق الكثير من الايحاءات المثيرة للاهتمام حيث تختفي معالم الوجوه التي تستفز الحس التخيّلي، وتفتح أبواب الفراغات على رؤية شمولية للإنسان الهادئ الذي يعيش على الفكر أو على التأمل أو على الراحة في حياة تمنحها من اللونين: البرودة والحرارة، ومن الاكتمال: التشابك الحيوي بين الخطوط التي تمثل الشكل أو ما ترمز إليه فلسفياً من حيث قوة الوجود المرتبطة بالإنسان تحديداً، وبشكله الهندسي عندما يتم تجريده من الصفات التي تمنحه هويته الخاصة، لتجعل من شخوصها في اللوحات شخوصا عامة وليست خاصة، بل وتمثل الحياة وقوتها وحتى قدرتها على ترجمة وجود الإنسان فيها، وتمسّكه بتذليل الصعاب من خلال رمزية الأبيض والأسود، وان استخدمت الأصفر في بعض من لوحاتها الأخرى. فهل من تأمّل فكري في لوحات تجسّد أهمية القراءة في حياة الإنسان؟ أم هي مجرد رسومات تفتح المشهد التأملي على تأويلات كثيرة؟

تختصر «أيرس شكوماكر» الأفكار عبر الرسم بتركيز بصري يعزز قوة التأملات التي تعكس قيمة الأسلوب الفني في أعمالها المتحررة من كثرة التفاصيل، والقادرة على التمسّك بالنقاط المهمة في تكوين تتجاهل فيه الهوية الحقيقية التي ترتبط بعلاقة بين التأمل والمنظر الطبيعي للإنسان الصامت عن الكلام والغارق بالتفكير، وبشكل هندسي هو مجموعة الخطوط المتناقضة مع الألوان أو تلك التي تمنح الخط قوة في تعزيز الايحاءات التي نستخلص منها الصفات الانعكاسية لأمكنة هي كرسي أو سجادة أو مربعات أو كل ما يمثل الكينونة الإنسانية وارتباطها المادي بالأشياء من حولها، مع الاحتفاظ بالتغيّرات الضوئية الناتجة عن اختلاط اللونين الأبيض والأسود، والتنقل البصري بينهما وبالتالي قدرتها في الكشف عن الأفكار من خلال الصمت أو التأمل الصامت المعزز بالرؤى المرئية الحاسمة في طبيعة تأمّلية يفرضها كتاب أو جلسة ما أو شاعرية تجعل الإنسان يتفاعل مع نفسه، كما يتفاعل اللون الأبيض مع الأسود أو موسيقى الخطوط المشبعة بالتحوّلات المرنة والمثيرة فنياً من حيث الألوان الأخرى أيضا، كالبرتقالي والأصفر وقدرتهما على فرض الذهول أو الدهشة التأملية المرافقة لرسوماتها دون الخروج من الفضاءات التأملية العامة والمساحات الفراغية التي تفرضها بتوزيع هندسي يخلق احساسا بالراحة والسلام، ويعزز الشعور بالجمال. فهل من جمالية تأملية في الفن المثير للأفكار المختصرة بالرسم؟ أم ان مفهوم القراءة وقدرتها على تفجير الخيال في رسوماتها هي الإنطلاقة الحقيقة لتكويناتها الفنية؟

تتحدّى شكوماكر أساسيات الخط الهندسي وقساوته من خلال ميزة الاستكشاف الجمالي لميزات التصميم الفني وموسيقى الألوان الحارة والباردة، وان ضمن الأسود والأبيض غالبا واختزال الأفكار بتجسيد الإنسان، والتشابه الكبير في الشكل بعد محو تفاصيله الأخرى أو طمس هويته لتمنحه صفة عامة، وتنزع منه كل ما هو خاص أو كل ما من شأنه أن يجعله يفقد قيمة الوجود أو قيمة الحياة التي دفعتها الى استخدام مجازيات لمشاهد تأملية تتكرر، ولكل منها لحظة تمثيلية تترجمعها انعكاسات الأفكار وقدرتها على بث الروحية من خلال الاسترخاء الذي يقود الى مزيد من العطاءات الجمالية القادرة على مقاومة سلبيات الحياة. فهل الأفكار هي رسومات تدفع الى التأمل أكثر فأكثر؟




dohamol@hotmail.com