بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 حزيران 2019 12:05ص أعمال الفنانة المغربية نجلاء لحبيبي مفردات تشكيلية في كل لوحة

من المعرض من المعرض
حجم الخط
تختلط الأفكار في لوحات الفنانة المغربية «نجلاء لحبيبي» كما تختلط ألوانها، لتنتج منها الرؤى البصرية التي تخاطب الحواس بطبيعتها الفطرية، وبعفوية ريشة تفرض على ذاتها التفاصيل الفنية من خط وظل وضوء، وفراغات، وما الى ذلك من مفردات تشكيلية تمتزج مع كل لوحة تقارب فيها الطبيعة مع أشكال أخرى، ترفد باشكاليات تتمثل في تعددية الخطاب البصري في لوحاتها، وجمالية المستحدث من الإيقاعات المختلفة، المندمجة مع بعضها البعض لونا، وبتفصيل ذي شفافية تحمل اصطلاحات ألفن التشكيلي، وتفارقه لتستخلص ريشتها الراسخ من وجدانيتها بعقلانية الخط المتلاحم مع بعضه، والمنفصل عن الأفكار الوجدانية منها، ليشعر الرائي ان لوحتها تنقسم الى عدّة مواضيع في لوحة واحدة. فهل من منهج تشكيلي في أعمالها؟ أم انها تمنح اللوحة عدة مدارس ضمن البُعد الفلسفي للألوان وغوايتها، الكاشفة عن شاعرية مبطنة في اتجاهاتها الرؤيوية للفن؟

تتوخى الفنانة «نجلاء لحبيبي» الحذر في تقسيم لوحاتها، لتبتعد عن التكرار متسلحة بعفوية فطرية في الفن الذي تنتجه ريشة تمتلك الرؤية، وهي قادرة على السعي الدؤوب في التقاط الحس الجمالي من أدق الأشياء من حولها، محتضنة التعبير الذوقي، وفق الجزء والكل، لتجمع بصريا أجزاء ألوانها في الشكل الواحد الذي تؤلف منه الأجزاء كلها، وبانفصال تجمع من خلاله أفكارها الزاخرة بالجمالية الخاصة بها، واضعة للظل اللوني أهمية قصوى، لتحاكي به ذاتها قبل المتلقي، وبغموض ذي مؤشرات فنية انعكاسية بصريا تحكي قصص الشعوب، وتراثيات مختلفة تميل الى الخلق المرّن الناتج عن اللون وسحره وجاذبيته، وفتنته بالنسبة لها، مستسلمة بذلك لإيقاعات الألوان، واللحظة الزمنية في الرسم. لهذا يشعر الرائي بالمتعة البصرية المجهولة السبب، وان أبقت على غموض أسلوبها في تعدد الخطوط والفواصل، وبتقطيع أو إيجاد مقاطع بعناوين مختلفة، وبتشابك تجمع به الماضي بالحاضر منتفضة على الحداثة، كالمتذبذب بين الماضي والحاضر والأساليب التشكيلية، وهذا يمنحها الفيض التشكيلي المتمثل بالشاعرية والشفافية، والربط بين الأشكال اللونية والخطوط، وبنسيج تتجاوز به عن الأبعاد، لنشعر ان لوحتها خرجت من زمن تاريخي الى الحاضر. فهل يمكن القول انها فنانة التعبير العفوي في الفن وجماليته المشرقية الغنية بالألوان؟ أم انها صاحبة الريشة الأنثوية المغناطيسية الحس الفني؟

لست أكتب الجمل الشاعرية هنا، وإنما هذا ما تفرضه لوحاتها الغنية بالإيقاعات البصرية والشاعرية، وبالتوهج اللوني المثير للعواطف الوجدانية المبهجة دون انفصال عن الأسس في بناء اللوحة التشكيلية رغم عفوية الريشة وبساطتها إلا انها تتحدّى التعقيد، وتنتج ما يجعلها في اقتران مع مفردتها التشكيلية، والتوأمة مع نغماتها الخاصة، كالتي تجمع نغماتها اللونية في باقة فنية بصرية تجعلك تتابع لوحاتها بحس شاعري لا يخلو من المفاهيم الفنية في ثناياه الشائكة على الناقد، وأقصد هنا الجمال العفوي المطلق والصقل الفني التشكيلي ومعاييره، إذ تبدو العلاقات الفنية في لوحاتها منصهرة حركيا ضمن فروقات ترتبط بروّاد التوظيف الفني في سمو بصري يعيدنا الى الشرق ومنحى اللوحة الصادرة عن طبع إنساني يعكس جوهر جماليته على الخطوط بتشابه يجمع بين القصير المدى والبعيد المدى أي الجملة البصرية الطويلة والقصيرة، وبتناقص تتكرر معه النغمات وبخليط تعبيري رمزي تحوّله الى مقاربات منطقية لشغوف فني ترتبط رسوماته بفرضيات الوجود والطابع الفلسفي الواعي بحدّة اللون وخفوته، وما ينتج عنه من سحر بصري تكشف من خلاله عن رؤاها الخاصة في الفن.

أعمال الفنانة المغربية نجلاء لحبيبي في بيت الفن ميناء طرابلس. 



dohamol@hotmail.com