بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 آذار 2019 12:03ص أعمال الفنانة منى عز الدين الأشكال البحرية وفق محاكاة بصرية

حجم الخط
تكسر الفنانة  التشكيلية «منى عز الدين» (Mona Ezziddine) التقاليد اللونية من خلال تلافيف اللون نفسه، وتدرجات خفوته وسطوعه.  لتتخذ من طبقات الالوان قاعدة تنطلق منها نحو الأشكال البحرية وفق محاكاة حبكة بصرية متلاحمة مع مساحة مفتوحة، كبحر لا نهاية له. متأثرة بالهجرة ومخاطرها وجموحها،  بمقاربات سمكية هي رمز للولادة والفناء والوحشية، والهروب المؤدي الى الهاوية، وبملامسة فنية يعتريها الصراع اللوني بين الازرق المتوهج والاصفر الضئيل مع البني الشحيح. لنشعر بقلق الريشة وتوجسها  من الهجرة البحرية التي قضت على الكثيرين من المهاجرين،  بمختلف المجالات من احجام واشكال وانواع واتجاهات هي مصطلحات متأثرة بموضوعية الحرفة اللونية التي تنتهجها «منى عز الدين» بتعبير مشحون بالمعنى الهادىء، المحمل بعدة عواصف انسانية لا يدرك مخاطرها الا من يبحر في  الاخطار مع اسماك تفترس كل ما تلتقطه ويفترسها من يلتقطها، بمعادلة تظهر من خلالها نتؤات الحسك وحيثية الصنارة والخيط ،  وبمحاذاة المعاني المغمسة فنيا بجمال  ينطبق الى حد بعيد على مقولة عامية  نسمعها من صيادين (اللي خلق علق) فهل تشكل سمكات «منى عز الدين» فضاءات فنية قذفت بها في الأزرق عبر ضوضاء طبقات اللون المشدد على مخاطر الانسانية؟ 
اشكال واشارات ورموز تعبيرية تتوازى مع المفهوم الذي انطلقت معه ريشة «منى عز الدين»   المتناغمة مع التحولات، وبمفارقات في قياسات تتآلف مع فكرة البحر اللامحدود، ومخاطره ضمن المعنى البصري المؤدي الى دفع المتلقي نحو استكشاف المعنى المجرد من التنافر،  وانما بخلق التضاد الصامت، ببلاغة لونية هي تحديات لافكار تعالج من خلالها فكرة الابحار غير الشرعي ونتائجه المؤدية الى هلاك الانسان والبيئة البحرية معا. اضافة الى اضفاء ديناميكية على اسماك منثورة الحسك من تخمة تؤدي الى هلاكها ايضا. وفق تناغمية اللون والشكل والتوغل الضوئي للاحاطة بتفاصيل صغيرة جدا ً للاطلاع الفني على موضوع ذي اهمية انسانية تطلقه عز الدين من خلال رسوماتها البحرية وتشكيلاتها التي تلتزم بقضية الهجرة غير الشعرية عبر مراكب الموت التي لم تصورها وانما اكتفت بالاسماك واشكالها المختلفة المنضوية تحت مفهوم تغذيتها من بقايا الانسان في البحر (وكونتراست)  اللون الواحد والشكل الواحد، وبتأثيرات الضوء والظل وجمالية الداكن والفاتح عند اختلاطه بالاشكال الشفافة، والتنميقية وابعادها في هذه الاعمال تحديداً التي تشير الى قوة الازرق في اظهار كافة التفاصيل التي انساقت مع الفكرة بتؤدة مع اختلاف بصري لا يتنافى مع الشعيرات الدقيقة للالوان التي يتشكل منها حسك السمكات او الهيكل الاساسي لها، وحالة التخوف من الهجرة الدائمة غير الآمنة في البحر. 
تتقمص ريشة الفنانة «منى عز الدين» حالة لا شعورية جعلتها تغوص في العمق البحري لاستخراج القوة في المعنى وتأملات تصفو مع حالة تشتق من ظلامية تبحث عن محوها بالازرق وتدرجاته. لاستعراض قدرات اللون نفسه على فرض الفكرة بموضوعية زينتها  بخصوصية  الهجرة البحرية واشكاليتها التي تؤثر على المشهد الفني ومصداقية احاسيسه الخاصة، وتداعيتها المتلونة بالاخطار والهواجس والقلق والخوف والانتظار والنجاة،   والخروج برؤية تكبر من خلالها المخاطر البيئية والانسانية المؤدية الى تلف في نظام طبيعي هو اكبر من الالوان التي وحدتها بلون بحر يبتلع كل داخل اليه، ويحيا من خلاله كل خارج منه. لهذا نجد السمكات اللواتي امامهن صنارة مكتملات الحجم من حيث الدلالات والايحاءات والتعبير الرمزي المتصل بمتاهات الخروج والدخول والموت والحياة والبقاء والفناء، ومعادلات الطبيعة التي تتوازن مع عالم البحر. فهل من منحى تأملي لمخاطر الهجرة في اعمال الفنانة «منى عز الدين»؟ 
اعمال الفنانة التشكيلية «منى عز الدين» (Mona Ezziddine) من مجموعة متحف فرحات. 


dohamol@hotmail.com