بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 آب 2020 12:02ص الأَديب والباحث والفقيه الأستاذ د. وَجيه فانوس نبراس أَدب وعلامة حضاريَّة فارقة

د. وجيه فانوس د. وجيه فانوس
حجم الخط
الإنسان عبارةٌ عَن تصرُّفات، يُسيِّرُها ويقودُها جوهرُه.. والوجود قائمٌ على الجوهر، ولِكلِّ جوهرٍ صِفات.. والموجود مربوطٌ بجوهرِه ويتحدَّد مداه في الزَّمان والمكان.. ويتفاعل الجوهر ويدور الفلك، ويشعر حياله الموجود بالرَّاحة.. وكلُّ موجودٍ كان لِيقوم بواجبٍ مُعيَّن.. والقيامُ بالواجب حقُّ الحياة الأَساس...
في أَدب الأُستاذ الدُّكتور وَجيه فانوس علاماتٌ زاهرة.. تسري عاطفة الانسان العالِم في كلِّ كلمةٍ وفي كلِّ جُملة، وتتعدَّى ذلك إلى نواحي النَّشاط الثَّقافي والتَّاريخي والإسلامي بشكلٍ عام..
إنَّ العاطفة التي تُنتج الشِّعر كالعقل الذي يُنتج الأَدب، ما يدفع العالِم إلى اختيار الكلمة للتَّعبير عن الشُّعور، بالقدْر الذي تكون فيه العاطفة وقوَّة التَّفكير والقدرة على التَّأْثير الفاعِل في نفس القارئ أَو الباحِث، وعندها يستطيع حَمْلَه بِأَحاسيسِه وبيانيَّتِه، إلى الجوّ الذي يُريده ويتمنَّاه..
ولو قرأْنا أَيَّ أَثرٍ علميٍّ أَو أَدبيّ، فيه العاطفة القويَّة، واطَّلعنا على حياة وسيرة العالِم، لَأَدركنا هذه الحقيقة.. وقد نسمعُ بعضَ الأُدباء والعلماء وهم يشكرون الظُّروف التي أَوحت لهم ولِمَن سبقَهم مِنَ العُظماء ما أَوحَت مِن آثارٍ قيِّمة.. وفي التَّاريخ أَمثلةٌ كثيرة..
الأَديب، عادةً، يستطيع أَن يُثيرَ الشَّوقَ في القارئ ويجعلَهُ يتابع برغبةٍ ونشاطٍ كلَّ ما يتوقُ إليه هذا القارئ للاطِّلاع وجَنْي الفائدة مِن طريق تحليله لِلعواطف السائدة في المجتمع وخصوصاً عندما يكون التَّعبير أَدبيّاً وعِلميّاً وموضوعيّاً.. مع سهولة الفَهم.. وهُنا الحكم الذي يجب أَن يكون نزيهاً بعد اطِّلاعٍ واسعٍ يغتني بالمعرفة والأَصالة والدِّقَّة، كما ينبغي أَن يتركَّز البحث في تقدير العمل الأَدبي أَو التَّاريخي بِشكل موضوعي ومُؤثِّر...
وفي نِتاج الدُّكتور وَجيه فانوس مُطلق العاطِفة وهو المُتضلِّع مِن الُّلغة، الحصيف المستحكم العقل الجيِّد الرأي والمُصيب.. فصاحتُه، بيانيَّتُه، ثقافتُه العميقة تُغنيه بكثيرٍ مِن المواضيع المُهمَّة التي يحتاج إليها القارئ الَّلبيب والدَّارِس، والتي زادته عُمقاً.. وأُسلوبُه العِلمي في ترجمة الكِبار وتقويمِه لِآثارِهِم وأَعمالِهم، لَهُوَ خَيرُ دليلٍ على متانة أَفكارِه وَعُمقِ تأَثُّرِه بالمادَّة العِلميَّة التي تُشبع نَهَمَ القارئ والمُتابع، باستخدام هذه الخاصيَّة لِأَغراضٍ يتمُّ انتاجها وخلق المفاهيم والنَّظريَّات الانسانيَّة المختلفة التي تُثير الكيان وتُنمِّي حركةَ الشُّعور في المجتمع الانساني...
الدُّكتور وجيه فانوس ماهيَّةٌ كاملة ذات فعاليَّة معروفة ومعروكة بالحساسيَّة تُوقظ حسَّ الاهتمام، وتدعو للانطلاق، وتُمثِّل إدراكه العام وشعوره النَّابض بالحياة لِتعميم الفائدة في المجتمع الثَّقافي الُّلبناني والعربي..
في أَدبه جاذبيَّةٌ مُميَّزةٌ على انسجام رقراق، واندفاق يجمع الّلين والسُّهولة إلى المتانة.. للحروف عنده رقرقةٌ وأَناقةٌ وجمالٌ وَلُمَحٌ، تكفي إشاراته عمَّا تخفيه خلجات القلب بلا تَلوُّن.
لقد وُفّق الدُّكتور فانوس أَيّما توفيق في المزاوجة بين الأَصالة والمُعاصرة، بحيث يكون لِبحثه أَو مقالته أَو دراسته، الصَّدى الذي يُرضي القارئ والدَّارس والباحث، بإيجابيَّةٍ مُفعمة بالأحاسيس في زمنٍ يتوق به النَّاسُ إلى المعرفة التي هي مِن أَهمّ حاجات الكيان والتي تأْتي مِن طريق كتابٍ أَو ديوان شِعر أَو دراسة جامعة أَو مُحاضرة..
إنَّني، ومِن مُنطلق الحرص على مخاطبة الصَّديق الأَعزّ الدّكتور وجيه فانوس، أَتمنَّى له الصّحَّة والعُمر الطَّويل والتَّوفيق الدَّائم في نشر بحوثه وعرض أَفكاره وآرائه لِتعميم الفائدة في الأَوساط العِلميَّة والثَّقافيَّة والتَّاريخيَّة.. كما أَنَّني أَحتفظ بقدْرٍ كبيرٍ مِن المحبَّة والامتنان وأَردُّ له تحيَّةً احتفَظَ هو بها في أَعماقه بنشيدٍ فريدٍ كان يُردِّدُه دائماً في أَكثر مِن حفل توقيع ديوان شعر لي في قصر الأونيسكو وفي غيره ويُظهر محبَّتَه وتقديرَه، ما كان يُقرِّبُه مِن القلوب ويعصمُه ويُبعدُه عن التَّعصُّب وهو الُّلبناني العربي الغيور على وطنه وعلى أَبناء وطنه وعلى الأَدب، وهو الذي يعتمد الصدقَ في حياته، ويحملُ البُشرى معه دائماً ليبقى العالِم المُجدِّد والمُرشد النقيّ إلى الأَفضل حفظه الله...
د. عبد الحافظ شمص