بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 تشرين الثاني 2017 12:04ص الأخوان فليفل طائران مغرِّدان في سماء النغم الوطني دخلا قلوب الملايين وكرسا الإنتماء للأرض

حجم الخط
انه عيد الاستقلال
ومع صدى الذكرى الوطنية يتذكر المواطن اللبناني «المغلوب» على أمره (صنّاع التاريخ) الموسيقى الوطني أمثال: شيخ الموسيقى القومية المقدم محمّد فليفل والد المذيعة أمل فليفل شعبان، والعميد حسان فليفل وحكاية «لحن لم يكتمل» فصوله، وهو «النشيد الوطني» للشاعر رشيد نخلة ابن أرز الباروك الذي سطر أرزه وخلوده لنشيد الأناشيد لسليمان الحكيم.
«رائحة أطيابك فوق جميع الأطياف
شفتاك تتقطران شهدا أيتها العروس،
وتحت لسانك عسل ولبن
ورائحة ثيابك كرائحة لبنان يا حبيبي».
في عيد الاستقلال ورجالاته يعود بنا «قبض الريح» وأنشودة الزمان والمكان «قلعة بشامون» ورجالات الوطن وراء القضبان طمعاً بالكرامة والسيادة.
هؤلاء الأبطال كانوا بعيداً عن الحكم... قريباً منه؟!
بشارة الخوري، صائب سلام، عدنان الحكيم، مجيد أرسلان، حبيب أبو شهلا، صبري حمادة وعمر الزعني (راجع صورته مع رجال الاستقلال في كتاب عمر الزعني «حكاية شعب».
حين أقدم الأخوان محمّد وأحمد فليفل على وضع (النوطة الموسيقية) للنشيد اللبناني في مطالع (الاستقلال التشريني) كانت بيروت تستقبل تشرينها الثاني، تستقبل شتاءها الأول..
وإذا كان لمدن العالم ربيع واحد، وللأخوين فليفل ربيعان، واحد في الربيع، وآخر في الخريف، وبين الربيعين (الأخوين فليفل) تتزين مدينتهم «المحروسة» يقول الباحث والمؤرخ البروفسور د. حسان حلاق، تتزين «المحروسة» بالثوب الأخضر الموشى بآلاف الورود الحمراء والصفراء والبيضاء،  وأشجان «الأخوين فليفل» مستقبلة السكان البيارتة المحتفلين بأعياد مدينتهم البيروتية.
لماذا استبعد «الأخوان فليفل» عن تلحين كلمات النشيد اللبناني؟ «محمد وأحمد فليفل» رجلا الشعر وعمق المعرفة الموسيقية الوطنية و«حراس» الموسيقى القومية.
بعيداً عن وهم شعارات «الحرية والرأي - والرأي الأخر؟! التي أشرفت على إجراء «القرعة» لاختيار الموسيقى المتفوق المناسب ليتولى القيام بتلحين النشيد الوطني...
جاء الرد من صاحب (المفكرة الريفية) أمين نخلة، نجل رشيد نخلة ما معناه: «السكوت فضيلة» لا سيما وأن الأمين هو المحامي «المحنك».
وكانت تشهد له قاعات المحاكم في قصر العدل القديم بـ «باب ادريس» والقضاة د. صبحي المحمصاني، وانور الخطيب، وادمون رباط، وعبد الباسط غندور ومنير المحمصاني وغيرهم.
فيروز... ليست وحدها، عبر الأثير القاسم المشترك، للاذاعات العربية، التي تتقاسم انتماءات الشعب اللبناني.
دخلت المارشات والمطروقات والأناشيد الوطنية، التي وضعها الأخوان فليفل لعبة القواسم المشتركة بين سوريا ولبنان، ومصر (مرايا الذاكرة الوطنية).
عام 1942، وفي عهد الفرد نقاش اتصل العميد سليمان نوفل (مؤسس تلفزيون لبنان عام 1957) بالأخوين فليفل من أجل تأسيس فرقة موسيقى عسكرية، فصدر المرسوم رقم 6439 تاريخ 1/10/1942 بتأسيس موسيقى الدرك.
أشتهر «الأخوان فليفل» بتلحين 2000 قصيدة لشعراء وأدباء من مختلف الوطن العربي: الأخطل الصغير، عمر فروخ، ومحمّد يوسف حمود (والد هاني حمود) والأديب والشاعر البيروتي عبد الرحيم قليلات، وكانا رسل سلام للمجتمع، ولحنا قصائد بمدح النبي محمّد (صلى الله عليه وسلم) والمسيح عليه السلام والعذراء مريم.
أول نشيد لحناه في العشرينات من نظم الشاعر البيروتي مختار التننير:
سوريا يا ذات المجد
والعزة في ماضي العهد
إن كنت لنا أهنى مهد
فثراك لنا أهنى لحد
الشاعر عبد الرحيم قليلات أول من سمع الأخوين فليفل، ونظم لهما عدّة قصائد وأناشيد:
تعهدي دروسنا
وبيضي طروسنا
وهذبي نفوسنا
وروضي البدن
ومن مصر إلى لبنان... رحلة نيلية على مراكب الشمس، عام 1939 لحن الطائران المغردان في سماء أرض النيل نشيد «العلى للعرب» للشاعر المصري عبد الحميد زيدان.
ونشيد «المرشدات» و«يا حياة المجد» ونشيد «الكشاف»:
غنت الطير بألحان الربوع
فأهاج الصوت اشجان الضلوع
وعام 1952 شارك الطائران المغردان في سماء لبنان بعرض الاستقلال في شارع فؤاد الأول. وعام 1946 (21 حزيران) شاركا مع موسيقى الدرك في الجامعة الأميركية بتوزيع الشهادات.
ونشيد فلسطين للشاعر إبراهيم طوقان:
وطني أنت لي
والخصم راغم
وعام 1936 لحنا نشيد يا تراب الوطن للاخطل الصغير، ونشيد «الشجرة»:
جنة في وطني من صباح الزمن
تملأ الأرض اخضرارا
وللشاعر فخري البارودي:
بلاد العرب أوطاني
 من الشام لبغداد
وللجامعة العربية نشيداً للشاعر محمّد المجذوب (مصر) اعتمد رسمياً.
لم يفز الطائران المغردان في النشيد الوطني اللبناني وفازا بلحن النشيد الوطني السوري «حماة الوطن لخليل مردم بك».
ونشيدين ولحنين نجحا في «التصفية» اولهما:
أسرجوا الخيول      واقرعوا الطبول،
واقحموا السهول    واحرسوا الجبل
للشاعر الشوفي عبد الحليم الحجار، والثاني لرشيد نخلة (كلنا للوطن» لحنه وديع صبرا.
اختارت اللجنة لحن وديع صبرا لأنه «يطابق» المارسيلياز، نشيد فرنسا الوطني (...)؟.
في منتصف خمسينات القرن الماضي استقبل الزعيم جمال عبد الناصر الأخوين فليفل برئاسة مؤسس حزب النجادة عدنان الحكيم وشقيقه محمود الحكيم «ابو مصطفى» الرئيس الحالي لحزب النجادة، والدكتورة زاهية قدورة أول عميدة لكلية الآداب - الجامعة اللبنانية.
عام 1923 أتخذ (الأخوان فليفل) لون الأناشيد الوطنية والتربوية فأسسوا فرقة الأفراح الوطنية  وتعنى بنشر الموسيقى الوطنية وعام 1942 تحوّلت إلى موسيقى «الدرك اللبناني» وافرادها 60 عازفاً.
هل صادف أحدكم صوتاً في جمال صوت المقرئ الضرير محمّد رفعت الذي وصفه المؤرخ والأستاذ الدكتور اسامة عانوتي بـ «الكروان» وأم كلثوم، ومصطفى أسماعيل وناظم الغزالي وعبد الوهاب و... وسط هذا العالم المزدحم بالضوضاء، ووجع الدماغ، وكأن شيئاً أصاب الحناجر العربية لدرجة العطب؟.
اللواء محمّد عبد الوهاب ترنم بنشيد «الملحمة» والله يا سلاحي، وحالة السلام لها: «بلادي.. بلادي» لسيد درويش.
الفنان اللواء عبد الوهاب، يحتضن العود، يلقي برأسه عليه كأنه يستريح على صدر حبيبته أرتدى الزي العسكري، وحوله: فايزة أحمد (أبنة صيدا) ووردة الجزائرية (والدتها «سلمى يموت) بيروتيه وشادية وعبد الحليم حافظ، وفايدة كامل، وفريد الأطرش، ونجاة الصغيرة وقدمت أم كلثوم: «إلى فلسطين خدوني معكم» وفيروز «زهرة المدائن» وجوليا بطرس تتغني بتراب الجنوب، ومارسيل خليفة للأرض، والوطن، والانسان المعذب!!.
وصدحت «ثومة»:
يا جمال يا مثال الوطنية»
أجمل أعيادنا الوطنية، والعندليب «حليم»  من كلمات الشاعر كمال عبد الحليم وألحان علي أسماعيل وأنشد مع المحامية ونائبة الشعب المصري «فايدة كامل»:
دع سمائي سمائي محرقة
دع قناتي فيما هي مفرقة
والعندليب أيضاً يغني للزعيم عبد الناصر:
يا جمال يا حبيب الملايين، إحنا الملايين.
وللسد العالي كانت ملحمة «وطني حبيبي الوطن الأكبر» عام 1960.
أما (القومية النغمية) فتعلمناها من ترنيم طائرين مغردين في سماء لبنان «الأخوين فليفل».
الاخوان فليفل في ذكرى استقلال لبنان الـ 47 فيما كل بيت لبناني وعربي وحسب «الأخوين» فليفل اليوم... انهم قد دخلوا كل قلب وعرفوا كيف يعلمون «ألف ياء» الوطن و«أبجدية» فقد النّاس فيه كل حب!؟.