منذ مُـدّة وأنشطة تدور في بعض المنتديات الثقافية حول محور قديم يحاولون بعثه من جديد إلى الحياة..
المحاولة جيدة... وقد تكون أفضل من الكثير من الهراء الذي يسم الحالة الثقافية على صعيد الأنشطة.
ولكن التمنّي على أصحاب هذا النشاط لو بحثوا عمّا هو جديد لتركيز البحث عليه لأن موضوع الأدب الوجيز وأدب الومضة الى آخر التسميات المشابهة موضوع قديم لطالما كان محور نقاشات مطوّلة عمَّت المنتديات والمنابر وحتى الشخصيات الأدبية في ستينات القرن الماضي.
وقبلها فأن تاريخنا الإبداعي مفعم بما قيل حول الموضوع وأهمية التكثيف في الكتابة والإيجاز المعبّر في القول من حيث أداء المعنى بأقل قدر ممكن من الكلمات.
ولم يقصّر الأقدمون في الأمر ولن نسمّي لأن أهم الأسماء التي ظهرت في التاريخ الإبداعي العربي مما قبل المعري وبعده لم تقصّر في إيفاء الموضوع حقه من البحث وإبداء الرأي والأمر معروف للجميع.
مع العلم اننا بذلك سبقنا الغرب في هذا المجال وما وصلنا عن الكاتب الساخر الايرلندي جورج برنارد شو يُؤكّد ان الغربيين انتبهوا إلى الأمر خلال القرن التاسع عشر فقط. وبذلك يكون هناك ردح طويل من الزمن ما بين ما طرحنا وما طرحوا...
وعلى سيرة جورج برنارد شو حول الاختصار والإيجاز أو «الأدب الوجيز» نسوق ما كتبه ذات يوم حول ذلك تأكيداً لصحة ما ذكرنا...
يقول:
أردت أن أرسل رسالة حول أمر معيّن إلى صديق لي في إسبانيا وتبيّن لي ان الأمر يحتاج إلى ثلاث صفحات من الكتابة.
تذكّرت أن أوجز له الأمر من خلال برقية (التلغراف)، فأوجزت الشرح في عشرين سطراً (كون الدفع كان يتم على أساس عدد الكلمات).
وقبل أن أرسل البرقية من مكتب البريد تذكّرت انني ايرلندي (مشهورون بالبخل) فأختصرت البرقية إلى خمسة أسطر قلت خلالها ما أردت قوله ووفّرت دفع مبلغاً من المال...
أليس ما يقوله شو هو معيار للأدب الوجيز؟...
لسنا في مجال الانتقاد، ويقيّد القول ان التركيز على هذا الموضوع أفضل من معظم الهراء القوي الذي يعمُّ المنتديات الثقافية ومنابرها...
ولكن كنا نتمنى الإتيان بجديد... ان وجد..