بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 كانون الثاني 2020 12:11ص الأوركسترا الفيلهارموني اللبنانية أحيت حفلاً بقيادة «وليد مسلّم»

الإمتاع السمعي في أوجّه مع صوت «نادين» وتشيللو «ساري»..

المايسترو وليد مسلّم المايسترو وليد مسلّم
حجم الخط
ثلاث فرق تابعة للكونسرفاتوار اللبناني حاضرة أسبوعاً بعد آخر لتقديم حفلات ما بين مسرح بيار أبو خاطر، وكنيسة القديس يوسف للآباء اليسوعيين - مونو، وسط حضور يؤكد أن الموسيقى بات لها جمهورها بما يوازي حتى لا نقول يتجاوز جمهور الحفلات الغنائية الصاخبة مع الإيقاعات الراقصة التي عمد المايسترو «أندريه الحاج» إلى إلغائها من عشر مقطوعات موسيقية عزفها الأسبوع الماضي على خشبة أبو خاطر وكانت النتيجة مبهرة جداً.

يوم الجمعة في 24 كانون الثاني/ يناير أحيت الأوركسترا الفيلهارموني الوطنية اللبنانية حفلاً في باحة كنيسة مونو بقيادة المايسترو «وليد مسلّم» في ثلاث محطات، أولى مع العبقري الصعب «رحمانينوف» وvocalise تولّته السوبرانو اللبنانية القديرة «نادين نصار» التي صدح صوتها عالياً مدوياً مالئاً فضاء المكان بما يريح السمع والقلب، وتدفقت بطبقات متلونة متتالية جعلت السامعين يغمضون عيونهم لتلمس متعة الإصغاء المثالية لموسيقى أجمل ما فيها أنها تملأ النفس بالسعادة والحبور، ودائماً من دون تصنّع في الأداء بل بكثير من العفوية الواثقة وجمالية في الصوت كلما علا متواصلاً لا إنقطاع في مدّاته ولا وهن في الوضوح الكامل لطبقة الصوت ونوعه من دون وجود ميكروفون.


والسوبرانو نادين نصار



والثانية مع المؤلف الموسيقي إياد كنعان الذي قدّم مقطوعة بعنوان «A hero`s diary» وهو عمل من وحي إنتصار «نهر البارد» وتحية لشهداء الجيش اللبناني البطل، وهي سيمفونية كتبت للـ تشيللو (مع العازف الماهر ساري خليفة - إبن شقيق الفنان مرسيل خليفة) وللأوركسترا الفيلهارموني، وقد أمضينا معها وقتاً مؤثراً عميقاً في الدلالة الموسيقية التي يحملها خصوصاً بعض الضربات النغمية من وزن النوتات العسكرية والتي تمرّ بطراوة حيناً وبحماسة حيناً آخر، مما أعطى الإشارة الصحيحة على مضمون الموسيقى التي تخضّبت نغماتها بدماء الجنود اللبنانيين الذين إستشهدوا في سبيل الدفاع عن لبنان خالٍ من الإرهاب والخارجين عن القانون. وكان «ساري» عازفاً على قدر التجربة الثرية التي خاضها بين لبنان والخارج العربي والدولي، خصوصاً وهو يؤدّي منفرداً ومصاحباً للأوركسترا بما يؤكد على أهمية الخبرة التي إكتسبها وقد بدا متحمّساً مندفعاً وحاضراً بكل حواسه على مدى الوقت الذي أمضاه على الخشبة مع العازفين الآخرين.


المؤلف الموسيقي إياد كنعان



عازف التشيللو ساري خليفة

أما الثالثة فكانت السيمفونية الرابعة لـ «شوبان» ومعها ذهبنا في تلوين نغمي عاصف حيناً ورومانسي في حين آخر، مع مدّات من المشاهد التي نتخيّلها مع التيمة المتدفقة بالمعاني والصارخة بنور الحياة والأمل مع بصيص من أمل الرجاء بكل الكسالى والبعيدين عن الهمّة والإندفاع في سبيل نتاج أفضل وحصاد أوفر من الفكر. وأحببنا كثيراً الخيارات الثلاثة والتي جاءت متناغمة متناسقة مع روح الحفل والمكان فلم نسمع إلاّ إشادة بما حصل عليه الرواد من فائدة وغذاء روحي ملأهم بالفرح والمجد ورخاء النفس في توقها إلى الإنطلاق والبهجة.

الأوركسترا الفيلهارموني التي كلما واكبناها تذكرنا الفنان المؤسس الراحل الدكتور وليد غلمية على الجهد والمثابرة في الفوز بأهم النماذج الموسيقية التي تحاكي العالمية، خصوصاً وأنه إستعان بخبرات عالمية دمجها في صلب الأوركسترا ريثما يتم إلحاق لبنانيين في مواقع العازفين الوافدين، وما فعله عين الصواب لتمكين فرقنا المحلية من أن تتزوّد بالخبرة الكافية من أجل الحضور المشرّف على أي منبر موسيقي عالمي، وهو ما نجده متوفراً هذه الأيام مع فرقة متكاملة العناصر والجهوزية، مع إحترام جماهيري ونقدي لها أينما حلّت وعزفت بإبداع.