بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 تشرين الأول 2019 12:00ص الحكاية الإجتماعية المبنية على التعبير الإستفزازي في رواية «بيت أمي» لـ عمرو العامري

غلاف الرواية غلاف الرواية
حجم الخط
يثير الروائي «عمرو العامري» مشاعر القارئ لروايته «بيت أمي» الصادرة عن «دار الساقي» دون تغيير في شخصيات هي من بنية الرواية، ورافقتها حتى النهاية بواقعية منطقية وبحيوية الحكاية الاجتماعية المبنية على التعبير الاستفزازي لقارئ تورّط بالقراءة حتى النهاية، وبحرية مطلقة ناتجة عن بساطة الموضوع وتعقيداته في آن واحد.

فالقصة الاجتماعية التي غزل منها «عمرو العامري» روايته هي لامرأة تزوجت من رجل غريب الأطوار أو بالأحرى من رجل رزقت منه البنات فقط. ورغم الفقر الذي عاشته معه قرّر الزواج من أخرى، لتجد نفسها مع البنات في حالة مزرية، إلا انها التزمت بالواقع الأليم الذي أصيبت به لتخرج ببناتها الى بيت قريبها، خالها أو عمها، وتبقى في داره حتى تزويج بناتها، ولكن في مفارقات درامية ذات طابع روائي سلس، يهدف الى تسليط الضوء على المجتمع السعودي البسيط غير المتميّز بثروة أصيبت بها هند التي تزوجت الرجل الذي يكبرها لتعيش التخبّط النفسي، غير انه استطاع الالتزام بمنطق الأشياء دون مبالغات أو تصوير الحالات الاجتماعية بمتخيّلة خادعة، إنما تبعا لما هو متعارف عليه في السعودية، لندخل معه الى حارات فقيرة ومساكن الأغنياء، ونشعر اننا في مجتمع متعدّد الحالات الاجتماعية فيه الصديق وفيه العدو، فيه الرجل المحب والشهم، وفيه الرجل الأناني، فيه المرأة المخلصة والوفية، وفيه المرأة الخائنة، ليحقق الصدمة الكبرى عندما يصاب الابن بالآفة الداعشية بعد ان كان مقبلا على الحياة. فالأب الذي تزوج تاركا زوجة تنفث في أذن ابنها السموم عن أبيه لا تشبه أم هند التي قامت بتربية بناتها وصولا الى ابنتها التي تزوجت على ضرّة وهي بعمر الورود، وهذا التناقض الاجتماعي ليس بالجديد في العالم الروائي! إلا انه في رواية «بيت أمي» لـ عمرو العامري جديد بالمصداقية التي يلمسها القارئ في هذه الحياة التي قدّمها في رواية بسيطة معاصرة تجبرك على القراءة حتى الحرف الأخير فيها. فهل اقتطع مشهداً حياتيا من عائلة أصيبت بداعشية الأحداث الأخيرة أم هو قدّم الأسباب على طبق روائي سلس؟ أم انه نقل الحكاية الى رواية غزلها ببساطة فنية شديدة هي اختصار لحياة رجل واحد نقلنا الى حيوات مرتبطة بسوء التصرّف الأبوي والذي هو أساس العائلة؟!

تثير رواية «بيت أمي» زوبعة اجتماعية لكنها ليست بالكبيرة يتيه من ناحية الدخول الى المجتمع السعودي أو الدخول في المحظور. إنما استطاع إظهار طبيعة هذا المجتمع المتصف بالبترول والثروات، لنشعر اننا أمام مجتمع طبيعي جدا فيه الصالح والطالح، وفيه الشر والخير، وفيه التربية الصالحة والتربية السيئة، وبأسلوب روائي لا يخلو من عبرة قوية للعائلة أولا من حيث أهمية الانتباه للأبوة تلك الأسس الأبوية وقدرتها على تخطّي الصعوبات دون كسر للمحظورات، وإنما باحترام روائي لقارئ استمدّ من الرواية رؤية للأبوة من خلال النساء اللواتي تعدّدن بالصفات وتأثيرهن المباشر على التفاصيل الحياتية، فهل «بيت أمي» نجح في ادخال المرأة الصلبة في الأبوة ومهامها الصعبة؟ أم انه منح المرأة السعودية دورا طبيعيا تعمل وتنتج وتحقق النمو المرتجى لعائلتها وان دخلت في طلاق زوجي أدّى الى هجر زوجها لها؟

لكل شخصية في الرواية ميزتها المختلفة حتى بين الاخوات، فالتشابه الجيني بين البنت والأب منطقيا جدا، وموقف هند من أبيها لتشابه بينها وبينه إضافة الى التشابه بين الابن وأمه، إلا ان الأم استطاعت تذليل الصعاب من خلال مواقفها المتغيّرة تبعا للحالة الزمنية التي مرَّت بها كل من العائلتين أو العائلات في رواية اجتماعية أسرية عالجت أسباب الانحراف عند الابن وهو الشخصية الثانوية والتي أخذت دورها الأول في النهاية.