بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 تشرين الثاني 2019 12:00ص الركائز الفكرية الأساسية للعمل في كتاب «نار وغضب» للصحافي مايكل وولف

غلاف الكتاب غلاف الكتاب
حجم الخط
يروي «مايكل وولف» في كتابه «نار وغضب» الصادر عن «شركة المطبوعات للتوزيع والنشر» عن عشوائيات السياسة وغرابتها منذ وصول «دونالد ترامب» الى سدّة الرئاسة واصفا هذه المرحلة بـ «قلب عاصفة سياسية هي الأكبر» محاولا ان يروي القصة بأسلوب معاصر قدر الإمكان، وبموضوعيه اعتمد من خلالها على أحاديث وحوارات جرت على مدى ثمانية عشر شهراً «كمراقب يسجل مشاهداته دون أي تدخّل منه ويقول عن ذلك: «هكذا أصبحت متطفّلا أكثر مني ضيفا مدعوا» منوّها بشخصيات مختلفة حول الرئيس ترامب منها شخصية بولتون التي تتطلّب وقتا كي يتعوّدها المرء، فالأشهر العاصفة من ولاية ترامب تقلّبت، وفجّرت الكثير من التفاصيل المثيرة، لتساؤلات ناتجة عن شخصية ترامب الذي «يعتمد على حسِّه الغريزي وحدسه، أنه كلما كثر عدد الأشخاص الذين تتعامل معهم، أصبح من الصعب أكثر أن تدير الدفة، وتعود أدراجك الى البيت لتنام في سريرك ليلا، فهو «اعتمد على مجموع أصدقائه المقرّبين الذين يتمتعون بخبرة سياسية فعلية» فالقارئ لهذا الكتاب تصيبه الدهشة عند كل جملة للوصول غير العادي لترامب الذي يعتبر نفسه أكثر قوة ممن هم داخل النظام «وأكثر ثراء، وأكثر شهرة» الآتي من عالم العقارات، ورغم القناعات بهزيمته في الانتخابات، إلا انه تخطّى التوقعات واستطاع «فرض نفسه على نسيج المجتمع والزمن» محاولا توليف نفسه والاستعداد لتولّي مهامه، وتغيير الكثير من الأشياء رغم تفكيره الاستراتيجي. فما هي خلفية حرب الإرادات القاتلة مع وسائل الإعلام؟

القوة والتبصّر والرؤية الاقتصادية ولفت الانتباه الدائم بعيداً عن الهيكل التنظيمي الذي أفرد له «مايكل وولف» الفصل الثامن من الكتاب ووضع السياسات من الأسفل الى الأعلى إذ «كانت قدرته على التركيز محدودة جدا، حتى حين كان يظن أن الشخص الواقف أمامه جدير بالاهتمام» فالحدس العميق الناتج عن الخبرة القوية في العلاقات التي نسجها مستنداً على عقيدة فكرية «ترامبوية»، وعلى الخطاب في مؤتمر العمل السياسي المحافظ قد أظهره أكثر سحراً ولطفا. فهل كان في المسار الأصح فعلا بما يخص إسرائيل؟ وهل هي حقيقة كما لاحظ هنري كيسنجر «انها حرب بين اليهود والأغيار في بيت ترامب الأبيض»؟ 

ربما في التغاضي عن الاحتراف السياسي نظرة غير شمولية، إذ لا يكفي الحظ لنجاح شخص ما في رئاسة جمهورية، فلا بد من الزر الساخن المحرّك الذي أشار إليه «مايكل وولف» في كتابه مع التشديد على ان ظاهرة ترامب تتمحور حول الإعلام اليميني، إضافة الى النرجسية القوية التي يتصف بها «تجسيداً لمصطلح عبادة الشخصية»، وهيمنته على من حوله دون أن يعارض انه كان يفكر بطريقة عاطفية لا استراتيجية، وما بين كومي وعودة بانون تظهر العلاقات السعودية - الأميركية على عجالة في الكتاب مع التركيز على عدة شخصيات ذات أهمية كبرى في حياة ترامب من الجنرال كيلي الى ليفاندوفسكي، فالكومي وبانون، مستشهداً بالكثير من التفاصيل الإعلامية لحياة هؤلاء إضافة الى حياة ابنته وزوجته وصهره. فهل كل ذلك يؤدّي الى الناتج الذي جعل مايكل وولف يقول «اننا نعيش في عالم مقلوب رأسا على عقب»؟

الكتاب يناقش روحية البيت الأبيض ومحتواه، والقرارات المرتبطة فيه بوجود ترامب داخله مع محاولات إعلامية لفك لغز شخصية بانون، وفي الحقيقة الكتاب يتناول سلوكيات ترامب وشخصيته الأساسية داخل البيت الأبيض، والركائز التي اعتمد عليها في التحليل القائم على فترة بدأت من يوم الانتخابات الى غرفة الأزمات بكل مصطلحاتها. فالإعلام ومقولة «كلما زاد حب أنصارك لك زاد كره مناهض بك» فرغم كل الصفات السلبية التي ألصقت بترامب تبعا لتحليلات سلوكية أكثر منها نفسية لم تجعل من التراجع عن البيت الأبيض طريقا أو تراجعا! بل كل أمر سلبي كان يتحوّل الى إيجابيات جعلته يكمل طريقه بثقة قوية بالذات. فهل فعلا ما كان يؤذيه ويقلقه عجزه عن التآلف مع رئاسة الكونغرس؟ ام ان مايكل وولف جمع مادته إعلاميا لتكون حكاية «نار وغضب البيت الأبيض في عهد ترامب» هو نار وغضب من حوله لانه في نظر بانون كان فصلا أو منعطفا في الثورة «الترامبوية».



 ضحى عبدالرؤوف المل 

dohamol@hotmail.com