بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 تموز 2019 12:04ص الروائي جبور الدويهي لـــ «اللــواء»: الرواية مرآة حيّة للواقع

تعكس أحوال المجتمعات العربية على إختلاف مُعاناتها وتطوّرها

الروائي جبور الدويهي الروائي جبور الدويهي
حجم الخط
يلفُّ الغموض رواية «ملك الهند» للروائي «جبور الدويهي» الصادرة عن «دار الساقي» لندخل الى تل صفرا والجدة فلومينا والكنز الصغير ابنته، لندرك ان ملك الهند هو الأب الذي يفقد ابنته أو كنزه في حدث مأساوي تليه عدّة أحداث مأساوية تمتد مع التاريخ وأحداث ترتبط بخلاف على الأرض يؤدّي الى نزاع أو تسوية حسابات عائلية،  ومؤمرات ذات دسائس. مما يسمح بإعادة تشكيل جذري للحدث تماما كما لوحة مارك شاغال والبنية الأساسية القائمة على الألوان والتعدّد الطائفي في البنية الاجتماعية الواحدة المؤثّرة على الحدث نفسه، فالرواية ذات نظرة بوليسية مؤثّرة على التفاصيل بمجملها التي حبكها الروائي جبور الدويهي بشغف انتقل الى القارئ.. ومعه أجرينا هذا الحوار:

{ أين تضع مشغلك الروائي وسط التيارات الفاعلة في الرواية العربية؟

- ينحو النمط السائد في الكتابة الروائية العربية اليوم نحو الواقعية الاجتماعية وسيرة الأفراد. والرواية بمفهومها الغربي الذي تناهت إلينا حرفتها ولو متأخّرة هي حكاية الفرد في مجابهته الحميمة الوجودية أو في تمرّده على الأنماط السائدة في السلوك والمعتقدات. وبالرغم من كون الرواية مرآة حيّة للواقع تعكس أحوال المجتمعات العربية على اختلاف معاناتها وتطوّرها، فهي قبل كل شيء قصة شخصياتها ومصائرهم كاختزال للمصير العام. 

حاولت من جهتي الغوص في ثنايا التوليفة اللبنانية باعتبارها تضمّ تنوّعاً ثقافياً وطائفياً وعائلياً أقرب الى متحف من الانتماءات والعصبيات، فنهلت منها خلفيات رواياتي وأطرها الزمانية والمكانية وفي وسطها شخصيات مختلفة تعاني تناقضات الهوية والتوق الى تجاوزها.

{ من خلال دوافع الجريمة والتحقيق وكذلك الأدوار المرتبطة بها وضعت القارئ بين  الافتراضات والمبادئ الكامنة في الحروب من الزمن الماضي، لماذا؟

- في روايتي الأخيرة، «ملك الهند»، يدور خيط السرد حول جريمة كان يفترض أن يكون الوصول الى مرتكبيها أمراً سهلاً كما هي حال الغالبية العظمى من الجرائم المرتكبة في مجتمعاتنا وجاء الخلاف العائلي على الميراث فرضية أولى شبه مؤكدة بسبب علانية هذا الخلاف والتهديد بالقتل الذي رافقه، وقد تسبّب هذا اليقين الزائف بإهمال جمع الأدلة الجنائية لا بل الى العبث بها ما فتح الباب على الاستناد الى شهادات الأفرقاء المتضاربة.

هكذا سقطت الفرضية الأولى ليتقدّم احتمال آخر ينبش نزاعاً قديماً حول ملكية الأرض ويحمل في طيّاته البُعد الطائفي الخاص بجبل لبنان، فالأحداث تجري في بلدة درزية - مسيحية مختلطة تختزن ذاكرة طويلة تعود الى أحداث ١٨٦٠... من ثم تظهر احتمالات أخرى شخصية أو مافياوية تختصر في النهاية مختلف أوجه المعاش اللبناني في إطار تحقيق بوليسي لن تأتي نتائجه مطابقة للوقائع المادية بل تأخذ في الاعتبار ما يسمّى «المصلحة العامة» أي الفرضية الأقل إثارة للتوتر والنزاع.

{ رواية «ملك الهند» عودة روائية معاصرة للصيغ التقليدية، ما رأيك؟

- تنتمي رواية التحقيق البوليسي الى نوع عريق في الأدب الروائي منذ ادغار آلان بّو مروراً بكتّاب كبار أمثال اغاتا كريستي وأمريكيين مثل ريموند تشاندلر وغيره، وعرف النوع تنويعات كرواية المحقق أو رواية الضحية وطبعا رواية المجرم وفيها آلاف من العناوين المشوّقة والأقل تشويقاً، تقترب من الأدب الروائي أو تبتعد عنه. حاولت في سياق البحث عن مرتكب جريمة تلّ صفرا في جبل لبنان أن لا أخون أسلوبي الأدبي وتعمّقي في الشخصيات والأحداث مع المحافظة على الخيط الرابط لكل وجوه الحكاية ألا وهو التحقيق ومجرياته، فيصبح المحقق شخصية رئيسية في الرواية ويتحكم أحياناً بمسارها.

{ الخلفية التي نجم عنها جريمة وتحقيق في الرواية  هي أحداث حقيقية في بنية سردية مورفولوجية شبيهة بلوحة مارك شاغال، هل هذا تقارب بين الفن التشكيلي والرواية؟

- غالباً ما يكون الفن حاضراً في الرواية واستمتع دائماً باشراك الأفلام السينمائية ومدلولاتها كما لوحات الرسم، وفي «ملك الهند» وابتداء من الغلاف تحتل لوحة مارك شاغال «عازف الكمان الأزرق» مكاناً رئيسياً في الحبكة فتكسبها معانٍ وأبعادا إضافية.


dohamol@hotmail.com