بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 تشرين الثاني 2018 12:18ص الروائي خالد جميل شموط لـ «اللـواء»: هنالك حقبات يجب أن لا تنسى

حجم الخط
ولد الروائي خالد شموط في بيروت (لوالدين فلسطينيين) ونشأ فيها وكان يقطن في بناية مقابل معمل الكولا (بنايتين قبل البناية التي كان بها محل بزلميط المذكور في الرواية صفحة 139)، عاش الحرب الأهلية من عام 1975 وحتى 1978 والتي كانت هي أسوأ سنينها.  وقد تركت لا شك الكثير من الأحاسيس والذكريات في روايته التي تعتبر ارشيفاً لاحداث خرجت من ذاكرة ودخلت صفحات رواية اجتمعت فيها ابعاد الاحداث بعد مرور زمن كشف عن الكثير من التفاصيل التي اتضحت اكثر بعد مرور الزمن ومع الروائي خالد شموط اجرينا هذا الحوار..
{ لماذا بيروت لبنان وموندريان؟ هل رسمت جغرافيا الحرب اللبنانية كما رسخت في ذاكرتك؟ 
- جيلنا الذي عايش الحرب الأهلية يدري جيداً إلى أي كارثة تودي الطائفية والعرقية والطبقية بالبلد واهله.  الجيل الحالي لا يعرف من الطائفية والعرقية إلا وبالها على الإقتصاد والتطور. وفرص العمل وما إلى ذلك،  لم يعش الجيل الجديد تفكك البلد والقتل والتدمير الممنهج الكارثي. لذلك، ومن خلال زياراتي إلى لبنان في السنوات العشر الماضية، تفاجأت بشكل كبير. في الحقيقة صُدمت من الشعب اللبناني الذي لم يتعلم شيئاً بعد كل هذا التقتيل والتدمير على مدى سنين وسنين.
{ الحرب في الرواية اللبنانية من عدة نقاط حصرتها في لوحة ذاتية خطوطها الحرب والصراع والحب المتصارع عليه أيضاً، لماذا؟ 
صدف أنني في عام 2015 كنت في بيروت وكنت نازلاً في فندق الهيلتون (المذكور في الرواية) في سن الفيل وبعد قضاء يوم في تلك المنطقة توجهت إلى الحمرا والمزرعة وطريق الجديدة والكولا متمشياً.  وفي أثناء سيري، لاحظت أن لكل من تلك الأحياء بيئته الخاصة من مظاهر وطائفة ولباس وتصرفات سكانه.  لم أنتبه لذلك إلا بعد أن كنت قد انتهيت من مشواري وعدت من حيث أتيت.  ولكن بقيت هذه الأحاسيس موجودة وكنت أعصر ذاكرتي وأعيد شريط مشواري مراراً عسى أن استعيد التفاصيل مرة ثانية.  في الحقيقة، ازعجتني تلك الأفكار بشكل رهيب.  كنت أفكر أننا في القرن 21 ولا نزال نعتزل بعضنا البعض.  ومما زاد الطين بلّة أنه في ذلك الوقت (وحتى الآن) كان هنالك فراغ سياسي كبير بسبب متاهات كثيرة .  أي أن البلد مشلول والمجتمع مشلول والكل يعيش في قوقعته.
{ لوحة موندريان هي الألوان الأساسية بتحديات الاشكال المختلفة هل تظن أن الرواية لوحة أخرى لجغرافيا أدبية من نوع آخر؟
- زيارتي لتلك المناطق (وهي خط سير شخصيات الرواية) مرة ثانية وأن اسجل كل التفاصيل حتى أتأكد مما كنت قد أحسست به سابقاً.  وبالفعل، كانت هناك «حواجز» غير مرئية وكأنها أسوار تفصل بين هذا وذاك.  كانت تماماً كما جاء الوصف في الرواية. قررت أن أجسد مأساة البلد هذه من خلال عمل روائي وأن أنبه بطريقة ما إلى هذه الفاجعة والتي إن لم تنته سينتهي البلد بسببها.  إلا أنني لم أدرِ كيف أصيغها في قالب روائي مناسب وقد أخذت مني وقتاً ليس باليسير (ربما ستة أشهر أو أكثر قليلاً) حتى جاءتني فكرة موندريان وكيف أن لوحته هي أفضل تعبير عن بيروت الآن.  ولكن لم تكن الفكرة مكتملة بعد، إذ أردت أن أوجه القارئ إلى ما يجب أن يكون الحل.  ومن أجل هذا استخدمت وصف لوحة «سِرا
{ خالد شموط لماذا هذا الأسلوب في هذه الرواية تحديداً هل تؤرخ روائياً لحقبة لا تريد أن تُنسى؟
- صحيح، هنالك حقبات يجب أن لا تنسى.  فالحقبات السلبية يجب أن تبقى حيّة حتى نتعلم منها وخاصة الأجيال الجديدة كي لا تقع في هذه الكوارث مرة أخرى، ولذلك حاولت، ولا أدري إن نجحت بذلك أم لا، حاولت أن أبيْن معنى الخوف والهول من الخطف والذبح والقتل والدمار.  هذه الأمور التي حدثت في القرن التاسع عشر ثم في القرن العشرين، ونحن في القرن الحادي والعشرين ولا نزال بنفس التقاليد البالية من طائفية وحزبية وطبقية وعرقية.  والخوف من أن هذه الحواجز والقواقع ستتسبب بانزلاق البلد في كارثة أُخرى (لا سمح الله). في المقابل، هنالك حقبات من الماضي يجب أيضاً ان نعتزّ بها ونفتخر بها والتي هي بمثابة نيشان زهو وفخر لكل سكان بيروت الذين حطموا عنجهية سابع أقوى جيش في العالم (مجزرة القوات الإسرائيلية داخل سباق الخيل كما سردتها في الرواية).  نحن الآن في عصر انحطاط ومعنوياتنا في الحضيض فلذلك علينا أن نتذكر وأن نُذكّر أولادنا أننا قادرون على فعل المستحيل وأن لا نخاف من عدونا.  فهنالك بطولات قامت ويجب أن نحتفي بها.
{ هل أعتبر روايتك خرجت من السيرة الذاتية؟
- هنالك الكثير من الذكريات المذكورة في الرواية هي بالفعل من تجاربي الخاصة ولكن لا استطيع القول أن الرواية كلها أو حتى معظمها هي سيرة ذاتية.  ولكن يبقى جزء لا بأس به سيرة ذاتية.