بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 آذار 2019 12:25ص الروائي شربل قطان لــ «اللــــواء»: في التفاصيل لم أعتمد كثيراً على مراجع تاريخية

حجم الخط
يعيدنا الروائي «شربل قطان» من خلال روايته «التورونية» الصادرة عن دار نوفل «هاشيت انطوان»  الى ربوع القدس والشام والتاريخ المتخيل بسرد بسيط وحبكة كسلسلة تحمل مرساة لسفن اطلقها في حصار تاريخي عرفنا منه شخصية قراقوش من خلال سرد مشوق، يدفع بالقارىء للغوص في ميزة كل شخصية خاصة عيسى العوام وقراقوش وهيلين والعطار وغيرهم  والاهم قصة الحب ونبل التعامل بين الاديان . مع الروائي «شربل قطان»  اجريت هذا الحوار: 
{ عيسى العوام وتفاصيل تاريخية تعيد حكايتها في حبكة تورانية لماذا؟
- أنا بطبيعتي أفضل معالجة المواضيع بطريقة غير مباشرة، بمعنى أني أعيد سرد الماضي لأسلط الضوء على الحاضر. والماضي دائما أغنى من الحاضر كونه قد وثّق وقد مرّ الزمان عليه. وتاريخ منطقتنا  غني كثيرا بالأحداث والصور والمواقف، إنه للكاتب كنز من ذهب.
{ لم تحدد الارتباط النوعي بين الماضي والحاضر هل سنبقي البكاء على اطلال المجد في رواية تاريخية؟
- حقيقة أنا لا أبكي على الماضي، بموجب أني لم أكتب الماضي كأفضل من الحاضر. بل هذا ما أردت بالتمام أن أصوره في التورونية، أن شيئا لم يتغير. فقط الأسماء والشعارات تبدلت أما الصراع فنفسه. ننتصر في بعض المعارك ونخسر في بعضها الآخر، بينما الوقت يمر.  وكما جاء على لسان هيلين: «وما همّ الجيوش والمعارك والفتوحات، ستُباد كلها وتنتهي وتُغفل، بينما يبقى الحبّ وحده قائماً».
{ السرد المتخيل واشكالية الحقائق هل اعتمدت على مراجع تاريخية ولماذا لم تذكرها؟
- في التفاصيل لم أعتمد كثيرا على مراجع تاريخية، بل أطلقت العنان لخيالي، مثالا على ذلك قصة عيسى العوام التي تكلم عنها القاضي بهاء الدين بن شداد بمقطع واحد. أما  في روايتي فقصة عيسى العوام تأخذ عدة فصول. أما بالنسبة لقراقوش وهيلين والعطار فكلها شخصيات خيالية. بالمناسبة قراقوش بطل روايتي ليس قراقوش المعروف تاريخيا، بل هو أحد أقرباؤه بحسب ما صورته في الرواية. لكن يجدر الذكر أن شخصية البطريرك هيراكليوس وعشيقته إيسكيلا قد ورد ذكرهما تاريخيا. يمكن القول أني إلتجأت إلى أحداث تاريخية لأضع سياق الرواية من ناحية الزمان والمكان، أما التفاصيل فهي تفاصيل روائية محض.
{ الرواية التاريخية ذاكرة مكان هل اعطيت قراقوش امكنة صلاح الدين ام اظهرت بطلا من نوع اخر؟
- نعم وضعت قراقوش في أمكنة صلاح الدين. لكن قراقوش هو حقيقة بطلا من نوع آخر. لأنه إستشعر عبر مسيرته بشيء أسمى مما إعتاده، وهذا بسبب هيلين المرأة. وعلى فكرة هذا جعل حياته أصعب بكثير، فنراه يعيش نوعا من التناقض، مما يعد ضعفا عند قادة الجيوش. أما صلاح الدين فكان واضح الرؤية والمسعى.
{ لو رأى الانسان نفسه في وجه الاخر لما عامله بنفس القساوة وحين يطفو الكره يتراجع المنطق القدس بين الماضي والحاضر  ورواية ارخت تاريخها في عنوان هو لإمرأة لماذا؟
- المرأة هي وجدان العالم، من دون المرأة لكانت الحياة معركة واحدة متواصلة. بالنسبة لقراقوش هيلين هي هدفه الأسمى. وكأن معاركه وجيوشه هي ثانوية بالنسبة إليه. لذلك كلما توجب عليه الإختيار ما بين هيلين وبين معاركه إختار هيلين. وبالرغم من أن إختياره الأخير بقي مؤجلا إلا أنه قد إختارها حقا. هيلين في حياته هي الخيط الرفيع الذي بقي يربطه بكل ما هو مترفع وسامٍ. وقد سماها «أميرة الحكايات»، ولكن حكاياتها هي التي شكلت صوت ضميره.
{ ما الذي تحب قوله عن التورونية والإنسانية بحر تتلاطم فيه الشخوص ؟ 
- الدين في رواية التورونية له حضور قوي، ويشكل حجر زاوية لبطلي الرواية هيلين وقراقوش. بالطبع كل واحد يؤمن بحسب قناعته وبما يمليه عليه دينه. وقد إعتمد كل واحد منهما دينه طريقا نهائيا يؤدي إلى حيثما يؤدي. هناك شخصيتين رديفتين تشكلان مرآة معكوسة لهيلين وقراقوش، وهما العرافة والعطار. وهما إلى حد ما ملحدان في ما يخص الله الواحد، فالعرافة تؤمن بأرواح السلف والعطار فصّل إلها على هواه. والمهم في ذلك كله، أن من إجتمع أخيرا في نهاية الرواية هما العرافة والعطار اللذان لم يأبها للسماويات. أما هيلين وقراقوش فكان فرحهما مؤجلا تماما كما هو الحال في اغلب الأديان.

dohamol@hotmail.com