بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 تموز 2018 12:10ص الروائي مناف زيتون لــ «اللـــواء»: الأحداث التي تحيط بأبطال روايتي

لا تختلف كثيراً عن التي يتعرض لها ملايين البشر يومياً

حجم الخط
يتمتع اسلوب الروائي «مناف زيتون»  بالمرونة الذهنية  كلعبة ذكية حيث يجعلك في امكنة متخيلة تحاصرك وانت تقرأ وكأنه يشد حبال الحياة على الانسان ليمسك به كما الحياة في رخائها وقساوتها.  من رواية «قليل من الموت» إلى «طائر الصدى»  وصولا الى «ظلال الاخرين»  التي تحيا مع ابطالها رغم شدة الوحدة او الخروج من سجن الى سجن وبحرية مقيدة هي الذاكرة والوجود والاثر الباقي من الانسان في امكنته مع الروائي مناف زيتون اجريت هذا الحوار..
{  لماذا هذا الوصف الشديد للامكنة الا تظن اننا في عصر الصورة ولا نحتاج لكل هذا الوصف؟
- ربما لو كان بإمكاني إرفاق صور مع الرواية، ولكنها ليست الحال هنا، شدة الوصف في الفصول الأولى خصوصاً كانت ضرورية لإيصال حالة العجز المحيطة بزكريا، الأفكار المطولة المحصورة بعناصر المكان المحيط به، لنقل شعوره بالعزلة وانعكاس محدودية حركته المادية على رؤيته وإدراكه للكون المحيط به، ليصبح ضيقاً ومحدوداً كغرفته، لم أرد أن أجعله يسرح بذكرياته أو خيالاته لأسلي القارئ ريثما يخرج، بل كان لا بد من الانتصار للمادة وما تحمله من أثر ضخم على أفكارنا ومشاعرنا، بدلاً من التقليل من أهميتها وتصوير حدودها على أنها ليست ذات معنى، كان على القارئ أن يُسجن معه ويشعر بعزلته، حتى يكوّن الخلفية الشعورية اللازمة لفهم الأحداث التالية من وجهة نظر البطل، ولتراوده التساؤلات ذاتها.
{ ظلال الاخرين والحرب والوحدة والعزلة وعتمة الكوكب والعودة الى البشرية هل هذه سوداوية الجيل الجديد؟
- في هذه الرواية حاولت أن أعالج شأناً عاماً، يعنى به جميع البشر، بدلاً من تفاصيل أو أزمات محلية أو إقليمية، لأن هذه هي غاية الأدب وبيئته الطبيعية باعتقادي، وأعني الأدب الحقيقي غير المحكوم بمتغيرات آنية والمنحاز تماماً للإنسان أياً يكن، لا أدري إن كانت سوداوية أم لا، ولكن بالتأكيد إن أردنا أن نعبر عن الحال التي وصلنا إليها، من انعدام العدالة والتضييق المتواصل على البشر الأقل تمكناً، لا يمكننا أن نتوقع نتيجة مبهجة، الأحداث التي تحيط بأبطال روايتي لا تختلف كثيراً عن التي يتعرض لها ملايين البشر يومياً، من سلب الحريات والعزلة الإلزامية أو الاضطرارية، مروراً بالجهل بأسباب أو مسببي الكوارث الكبرى، وصولاً إلى تناقص ما يجمع البشر يوماً بعد يوم مقابل ما يفرقهم، وعزلهم نفسياً قبل أي عزلة أخرى، باعتقادي الفارق الوحيد هو أن ما تعرض له زكريا وسليمى يجري في مستقبلٍ متخيل، فارق في الزمن ربما لا أكثر.
{ شعرت وانا اقرا الرواية اني فقدت الزمن اضافة الى انها تشبه اللعبة الذكية الشبيهة ببرنامج الكتروني لماذا هذا الاسلوب؟
- فقدان الزمن هو برأيي نتيجة طبيعية لفقدان الآخرين، الزمن اليوم يعني بالنسبة لنا التفاصيل المتعلقة بحياتنا العملية، يوم العطلة أو الوقت اللازم للحصول على مبلغٍ من المال أو الحصول على شهادة جامعية أو وصول موعدنا مع أحدهم، سيرورة الزمن محكومة بالآخرين إلى حدٍ كبير، وعدد الآخرين الذين يدركهم زكريا كان عاملاً أساسياً في سيرورة الزمن بشكل خطي أو بشكل فوضوي حيث يعبر الزمن كله دفعة واحدة واسترجاع الذكريات على شكل تراتبي، كما يحصل في الفصل الأخير حين يختفي جميع الآخرين والزمن معهم.
{ مناف زيتون ونتائج الحروب على الكوكب ماذا تريد من الرواية معالجة مستقبلية؟
- سأجيب على هذا السؤال بناءً على صياغته الثانية:
المستقبل المشرق برأيي ليس أكثر من جزرة توضع أمام وجوهنا لتدفعنا إلى المزيد من العمل والجهد الضروريين لتحقيق منافع أصحاب الأثر الحقيقي على المستقبل، الذي لن يكون مشرقاً على الإطلاق إن لم نحدث تغييراً جذرياً في أسلوب حياتنا، والحد من أثاره الكارثية سواءً على الكوكب أو مجموعات البشر أصحاب الإمكانات المحدودة أو حتى على الجانب الأكثر إنسانية فينا وأعني الفنون والثقافة بشكل عام، ما فعلته في هذه الرواية هو قطع الحبل وترك هذه الجزرة التي نجري وراءها قابلة للمعاينة، ولا أعتقد أن السوداوية التي يراها البعض في الرواية هي أكثر من الغبار الذي علق عليها، أما إن تأملنا هذه الجزرة/المستقبل من الداخل فإن روايتي ستبدو كمهرجانٍ من الألوان مقارنة بما قد يصيبنا نحن البشر في المستقبل، على الأقل في روايتي يرحل البشر دون ألم ودون مقدمات، الأمر المعاكس تماماً لما يحصل وسيحصل في الواقع.