بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 كانون الثاني 2020 12:02ص الرواية التاريخية عرض عضلات؟!

حجم الخط
القول بأنه عصر الرواية قد يكون صحيحاً بعد أن هرهر الشعر ما بين حداثة وما بعد حداثة وتفعيلة وعمودي وحرّ ونثر... الخ...

قد يكون القول صحيحاً مع الرواية الحقيقية سرداً وحدثاً ولغة وتنامي وتماسك وتسلسل... الخ...

لكن ما نراه اليوم، وما يطلع علينا من دور النشر تحت اسم رواية يبعث على التساؤل، هل هو عصر هذا النوع من الرواية؟!...

طلاسم وأحاجي... يتعذّر حتى على «ضارب المندل» أن يفهم محتواها فتتأسّف على هذه الكمية من اللغة التي هدرت في كتابة دون هوية، بل دون جسد... وكأنها هباء...

والأغرب ان بعض من يكتب الرواية يقدّم رواية مقبولة، وبعد مضي بعض الوقت تصدر له (أو لها) رواية فيها من القفز التاريخي ما يشبه رياضة قفز الحواجز من عصر إلى عصر بسرعة البرق بحيث يعجز عقل المتلقّي عن اللحاق بما أفرزته عبقرية الكاتب (أو الكاتبة).

تبنى الرواية بمناخ تاريخي بعد أن يكون الكاتب (أو الكاتبة) قد جمع أو ألمَّ ببعض المعلومات التاريخية يعتبرها كافية لولادة رواية ويستعير من التاريخ ما يناسبه ويقولبه كما حسب رغبته فيحوّل التاريخ إلى معجونة طرية سرعان ما تجف.

يا ليت من يكتب (أو تكتب) هذا النوع من الرواية أن تطّلع قبل الإمساك بالقلم وتسويد الورق على إنتاج جرجي زيدان على سبيل المثال في كتابة الرواية التاريخية..

أخذ من التاريخ حدثه وأسّس على الحدث البناء الروائي وذلك بداية من (فتاة غسان) مروراً بـ (العباسة أخت الرشيد) و(فتاة القيروان) و(المملوك الشارد) وصولاً إلى (الانقلاب العثماني).

كتابة الرواية التاريخية ليست بالسهولة التي يتصوّرها البعض وليس تحويل الكتابة إلى عملية عرض عضلات سردية كافية لتقديم رواية ناجحة.

يظنون ان كتابتهم تتوجّه إلى العامة، والمفترض بالرواية أن تكون كذلك، لكنهم يضمنون النص بأستعارة بعض زوايا التاريخ الذي لا علاقة لمعظم من يقرأ الهام به.

وكأني بالأمر ان هناك صوتا جهوريا يقول: اسمع أنا أعرف أكثر منك وأغوص حيث لا تقدر على الغوص، وأقوم بما لا يقوم به غيري.

هنا ندخل في ميدان (خالف تُعرف)..

ولكن غالباً ما تكلّف المخالفة إنزلاقاً لصاحبها تلغي أهمية ما سبق له أن كتب.

رحم الله امرءاً عرف حدّه فوقف عنده.