منذ مُـدّة وخلال ندوة لمناقشة رواية الروائي المصري صنع الله إبراهيم (بيروت بيروت) في المركز الاسباني في القاهرة سألته إحدى المشاركات هل يتعمد الكتابة التوثيقية كتقنية أم هي خارجة عن إرادة الكاتب؟..
فقال انه في رواية (بيروت بيروت) قرّر في البداية ان يحكي قصة حب وبسبب الحرب الأهلية آنذاك أراد تحديد موقفه منها فبدأ بقراءة كل ما يتعلق بها وسافر إلى هناك فترة للاطلاع على حقيقة الأمر، ونتيجة لذلك سجل وقائع معينة تصلح كجزء من الرواية!..
هكذا... وبكل بساطة قرأ بعض ما يتعلق بالحرب وجاء إلى بيروت كما يقول (لفترة وجيزة) للاطلاع على حقيقة الأمر وكانت رواية عن الحرب اللبنانية.
كلام مستغرب... لا بل مستهجن..
إذا كنا نحن الذين عشنا ادوارها بشكل يومي وتشظينا بقذائفها وضاقت انفاسنا من دخانها لم نستطع حتى الآن معرفة التفاصيل الكاملة المنمنمة الكافية للتأسيس لرواية عنها بناءً وتفضيلاً..
فكيف استطاع صنع الله بناء رواية من خلال قراءة بعض التقارير والاطلاع على بعض التحليلات بالإضافة إلى زيارة قصيرة يقول انه قام بها إلى المدينة؟..
كيف استطاع نسج روايته التي حازت على بعض الجوائز؟!...
وصنع الله ليس وحده في هذا الإنجاز فقد سبقه وتبعه الكثيرون... و«الكثيرات» عندنا إلى تدوين الحرب اللبنانية عبر (روايات) ولكن من الخارج.
أي من اخبار وكالات الأنباء ونشرات اخبار التلفزة..
بعضهن كن في باريس طيلة أيام الحرب المشؤومة يتنقلن بين مطاعمها ومباهجها ثم طلعن بروايات لاقت من الضجيج ما لاقت.
ونالت من الجوائز!!... خصوصاً في مصر ما نالت!!..
إذا كان الروائي صوت مجتمعه بالفعل لا يمكنه صناعة عمله الا بالاطلاع الدقيق والمتابع للأحداث كبيرها وصغيرها كي يتمكن من تقديم رواية صادقة وبالتالي مؤهلة لنيل الجوائز!! أو اقله استحسان الناقد المصفق (وما اكثرهم).
لكن الحاصل هو ما ينطبق على القول المأثور:
«ان الحرب بالنظارات سهلة» وبالتالي في الكتابة عنها أكثر سهولة.
وهذا يذكرني بالروائي المغربي الذي كتب عن الحرب الأهلية اللبنانية رواية يقول فيها انه كان في بيروت ويريد الانتقال عند الغربية إلى الشرقية لكن ما منعه هو تراكم الثلوج عن مستديرة الطيونة!!.
وما يزيد في الطين بلة وفي الطنبور نغماً هو تحول البعض من الذين سبق ذكرهم إلى أساتذة لتعليم فن الرواية وعليه علينا ان نتوقع افواجاً من كتاب الرواية على شاكلة أساتذتهم..