معركة شرسة وضاغطة يخوضها العلم ممثلاً بمختبرات الطب التابعة للحكومات والشركات لإيجاد لقاح ودواء للـ «كورونا» التي غزت العالم كجائحة لا ترحم، لا تفرّق بين عالم أول وثانٍ وثالث أو بين غني وفقير أو صغير أو كبير.
معركة تدور رحاها على مدار الساعة للحد من خسارة أرواح وإنهيار اقتصادات وجحود مجتمعات.
معركة نهايتها مؤكدة سيطلّ علينا بين يوم وآخر خبر الاكتشاف المنتظر وتهدأ أنفاس سكان الكوكب، وتعود الحياة إلى صخبها ومشاكلها التي ما كانت لتتجمد لولا وباء أطلّ من الغيب حاملاً معه الكثير من الأسئلة والإضاءة على حقائق كانت مطمورة تحت ضجيج المشكلات التي تعمّ العالم.
سينتهي الوباء كما انتهت قبله أوبئة كثيرة كالطاعون والسل والكوليرا، لكن تبقى الأسئلة الملحّة التي أوجدها تبحث عن أجوبة لا تستطيع قوة في العالم الهروب من الإجابة عليها.
على سبيل المثال لو أنفق في الماضي جزءاً بسيطاً من موازنات التسلّح وأدوات الدمار على المختبرات والأبحاث العلمية لاستباق أي خطر داهم يهدّد البشرية بأوخم العواقب فهل كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه؟!..
صرخات الجوع والحاجة تنطلق من معظم مجتمعات العالم كنتيجة لتدابير العزل الاجتماعي الذي لا بد منه للوقوف في وجه الوباء الشرس.
البذخ الذي يسود العالم في مظاهر تتعدد أشكالها وأحجامها..
هذا البذخ لو أنفق بعضه على تأمين حاجات الشعوب من مأكلها ومشربها وصحتها اما كانت الحالة على غير ما هي عليه اليوم؟!..
نصل إلى القوة... بمفهومها الثابت لدى القوى المهيمنة على العالم والسؤال هو ماذا تنفع الصواريخ العابرة للقارات والأسلحة الضارية المدمرة أمام وباء لا يملك أسلحة إلا ما لا يمكن رؤيته إلا بمجهر طبي خاص.
أليس في ذلك عبرة لتغيير مفهوم القوة؟!..
ألا يذكر ذلك بما يحكى عن (النمرود) و«البعوضة»؟!..
غداً ينتهي كل شيء، ويعود وول ستريت الى ديناميكيته، وتمور أرصفة الشانزيلزيه بأقدام السواح، وتفعم زوارق البندقية بركاب أتوا من كل أنحاء المعمورة.
فهل ينسى من يتربّع على كرسي موقع القرار في العالم..
هل ينسون ما حدث، أم هل يعتبرون؟..
ستحمل الأيام المقبلة الإجابة على هذا السؤال..