بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 تشرين الأول 2017 12:05ص الفنانة جوليا قصار لـ «اللـواء»: الخبرة تساعد الممثل لكن الدهشة والإكتشاف الجديد في كل مرّة هو الأساس

حجم الخط
تضحك  الفنانة جوليا قصار وتخفي خلف ضحكتها ثقافة فنية عالية تفاجىء بها من يحادثها لما تمتلكه من مرونة في التمثيل وفي التعاطي مباشرة مع الناس، وتدهشك ببساطتها الواقعية وانسجامها مع الجميع وبتواضع لا تستطيع فصله عن ادوارها التي تتميز بالسهل الممتنع، وكأنها خرجت من الحياة ودخلت الشاشة، وهذا ما قاله الكثير من الناس الذين تابعوا فيلمها الاخير او تواصلوا معها مباشرة من خلال مهرجان طرابلس للافلام.
بدأت الدراسة (سنة 1983) كطالبة في الجامعة وكان من حسن حظها انها بدأت مع استاذها ريمون جبارة في عمل مسرحي بعنوان "صانع الاحلام"، الذي منحته «ايام قرطاج المسرحية» جائزة الابداع، فبدأت  مع استاذ  ريمون جبارة كأول عمل مسرحي ومع الفنان شكيب خوري، كما ان اول مسلسل تلفزيوني  شاركت فيه بعنوان "مبارك"  للكاتب الراحل يوسف حبشي الاشقر، وفي السنة ذاتها بدأت بتقديم مجلة السينما او نادي السينما ايضا مع استاذها ايميل شاهين، وهكذا بدأت مع رواد المسرح والفن الذين منحوها من خبرتهم ما صقل خطواتها الفنية مثل كميل سلامة، جواد الاسدي، جوزيف بو نصار، يعقوب الشدراوي، ونضال الاشقر، خاصة في المسرح حيث كانت كل خطوة ثابتة اتصفت بها من خلال اساتذتها واصحاب الخبرة الفنية في بداياتها، تقول جوليا قصار: «حين اعود بالذاكرة لبداياتي اقول حظي كان جيدا ان يمنحوني من خبرتهم كل ما هو مهم لي كالفنان روجيه عساف وكل من اشتغلت معهم في بداياتي من مخرجين كبار وممثلين، لان الممثل ان لم يمتلك الحياة المهنية القوية مع اساتذة كبار لا يتطور.  لهذا كنت اسعى ان اختار الاشخاص وبانتقاء شديد لمن استطيع التقدم والتطور معهم. لهذا كنت احرص جدا على ان اتعامل مع كبار الفنانين لاكتسب من خبراتهم ما يجعلني اتطور وارتقي فنيا». 
ومع الفنانة جوليا قصار اجرينا هذا الحوار.. 
{ بساطة في التمثيل لا تخلو من صعوبة تبرز في سلاسة الشخصية التي تلعبها جوليا قصار كيف تسخّرين هذا وتمنحينه من جوليا الشىء الكثير؟ 
- كما قلت لك سابقا كنت حريصة على التعلم وأسعى لتكوين خبرة متينة، فالممثل اداته جسده صوته وجهه من المؤكد ان جوليا قصار هي التي تلعب الدور لكن قمة التمثيل ان الممثل لا يمثل او ان لا يشاهد الاخرين ادواته، فالموسيقي يعزف بسلاسة ويمنحك نشوة موسيقاه التي نشعر بها ببساطة، الا انها  جاءت نتيجة مجهود كبير وليالٍ طويلة وتدريب مستمر، ليشعر بها الاخر بكل هذه الجودة والبساطة طبعا الموسيقي ينفصل عن الآلة بينما الممثل لا ينفصل عن الشخصية، لكن ليصل الممثل الى البساطة في التمثيل يجب ان يختبىء خلف شخصيته،  وتبرز البساطة الشديدة بعيدة عن البهلوانيات، وعليه ان يفتش ويبحث على النوتة الصحيحة  ليجد اللحظة البعيدة عن النشاز  في الدور الذي يلعبه، وتأتي هذه البساطة ايضا من القراءات والاهتمام بروائع الاعمال المسرحية العالمية  ومشاهدة الكثير من الافلام.  اذ على الممثل ان يتغذى من كل ما يحيطه،  ومن الموسيقى التي تعطي الممثل الانفعالات الخلاقة وبصمت. برأيي على  الممثل ان يهتم بما حوله وحضور كل شيء جميل ويغذي الخيال بروائع الادب والاعمال الفنية،  لأن كل ذلك يمنحه الخصوبة في المخيلة الاساسية والضرورية للممثل،  وتحويل كل ما اختمر في ذهنه من قراءات وسوى ذلك الى عناصر مهمة تخرج ببساطة وعفوية. لانه يستطيع تسخير ذلك في خدمة  الادوار المركبة وغيرها لتكون مميزة وتصل بسلاسة وبساطة.
{ضحكة مبطنة وفهم عميق للدور هل هذه من خبرة مسرحية او درامية ام هي دراسة معمّقة في الفن؟
- من يشاهد الممثل يظن ان سهولة التمثيل تلقائية ولحظية ولا تحتاج لدراسة او خبرة، لكن من يشاهد التمرينات او التصوير يتساءل هل يعقل انه صعب؟ نعم هو يحتاج للكثير من التعب والتدريب ولساعات مستمرة حتى ننهي تصوير مشهد او كم دقيقة،  لان كل دقيقة ابداع تحتاج للكثير من ساعات العمل. ومن المؤكد في فهم عميق للدور اضافة الى الخبرة،  لكن كلما قارب الممثل الدور كأنه اول مرة يقوم بالتمثيل  يصاب بالدهشة اي دهشة الطفل، وعليه ان لا يرتكز على الخبرة التي يمتلكها كي يتجنب تكرار الذات. لهذا توجد دهشة، كأننا نكتشف شخصية جديدة ونحاول معرفة الشخصية اكثر، ونستطيع الوصول لنعيش الدور كأنها شخصية فريدة من نوعها. اضافة الى اكتشاف الشخصيات الاخرى في العمل،  والتعاون مع فريق العمل  لان التمثيل  تواصل مع الاخرين.  لهذا من الضروري فهم الشخصيات الاخرى ورؤية المخرج لنفهم  الى اين يريد ان يصل  في العمل.  ايضا الممثل يمتلك الجزء الابداعي الذي يضعه  بين يدي المخرج  الذي يمتلك النظرة الشمولية بينما الممثل عنده  النظرة الخاصة للشخصية التي يلعبها، فالعين الخارجية للمخرج تصقل كل ذلك وبثقة كاملة  بين المخرج والممثلين من خلال الفعل وردة الفعل. طبعا الخبرة تساعد الممثل  لكن الدهشة والاكتشاف الجديد في كل مرة هي الاساس في نجاح اي دور وفيه متعة ايضا. اضحك عندما اكتشف شخصية تذكرني ببعض من التقيتهم في الحياة وافكر كيف استطيع ان اعيد بناء هذه الشخصية الواقعية  التي التقطتها في اول انطباع احسست فيه. 
{ في فترة قصيرة جذبت جوليا قصار الجمهور فأحبها الى اي مدى يصعب الحفاظ على ذلك؟ 
- هذا عمر بكامله اكثر من ثلاثين سنة في فن التمثيل وهو عمل بطيء وممتع وشاق،  والاهم الصدق في التعامل والعمل والدور، لان الممثل ينقل احاسيس الشخصية وانفعالاتها  الحقيقية التي يمررها للناس بصدق مع الذات وبتماهٍ وتعاطف مع الشخصية التي نلعبها بصدقية. هي فترة طويلة والحمد لله رافقوني منذ البداية اضافة الى محبة الناس وهم المشجع الاول لان مهنة الممثل مهنة الشك او السؤال. عندما يوجد الاستحسان والرضى والقبول من الناس يدفعنا ذلك نحو الاستمرارية بقوة.
{ اين تجد جوليا قصار في اي دور لعبته وما هي ابرز  الاعمال التي تاأرت بها؟
- جوليا موجودة في كل الادوار التي لعبتها  المهم كيف نخفي جوليا خلف كل شخصية. التأثر بالادوار ملك الجميع لاننا نتفاوت بالانفعالات،  فالانسان كتلة مشاعر وتناقض بين المر والحلو والجميل والقبيح ونحن في سعي دائم نحو الافضل، ربما! لهذا اخترنا التمثيل او الفن لان الفن هو السعي نحو الجمال والكمال.  لهذا لو كان الدور يتميز بالشر هناك بعض التماهي معه  ببعض النواحي لتستطيع الدفاع عن هذه الشخصية، دائما المواضيع الكبيرة في الادب والمسرح والسينما  تتناول قضايا انسانية مهمة وتؤثر بنا لهذا «طقوس الاشارات والتحولات»  لسعد الله ونوس او مؤمنه الماسة التي تحاول ازالة الاقنعة عن وجهها او عن وجه المجتمع او الخادمتان لجان جينييه او الاسكا لهارولد بينتر او شتي يا دنيا عن قضية المخطوفين  اللبنانيين للمخرج بهيج حجيج او فيلم محبس مع صوفي بطرس  او شخصية تيريز والكثير من المسرحيات الكوميدية احبها، لانها مربوطة بساعات  من العمل مع فريق اضاف الكثير من الافكار الجديدة وكل هذا مرتبط بذاكرتي.
{ رأينا جوليا قصار في طرابلس اكثر من مرة ضمن مهرجان طرابلس للافلام ما رأيك بهذه المدينة التي تحبو رغم عراقتها؟
- مدينة طرابلس تتميز بالعمران الجميل وما زالت حقيقية لم تغطها ناطحات السحاب وانا ادمنت زيارتها. منذ سنتين قرر الاستاذ الياس الخلاط مؤسس مهرجان طرابلس تكريم فريق فيلم «يللا عقبالكم» رغم انه لم يدخل في المسابقة.  لكنه لمس محبة الناس للفيلم. كانت الاوضاع الامنية غير واضحة بسبب ما كان يقال  انها  مدينة حرب.  لكن فوجئنا انها مدينة  تنبت منها الحياة  ومن ثم طلب مني ان اكون في لجنة التحكيم في الدورة الرابعة لهذا المهرجان هذا العام، ولم اتردد لان ليلة التكريم قبل  سنتين كانت رائعة.  مدينة طرابلس تحتاج ان تتنفس لانها ملتقى لكل الناس، واظن ان هذا المهرجان سيشهد صعودا قويا.  لانه قام بإنجازات كبيرة على صعيد الافلام وسيشهد الكثير من الاهتمام،  وسيكون منارة من المنارات في هذه المدينة الجميلة، واتمنى له المزيد من النجاح لان المدينة تمتلك الكثير من الطاقات الفنية المهمة،  ويكفي انه تم تكريم المخرج «جورج نصر»  في هذه الدورة  وستكرم  المخرجة «رندا الشهال» في دورته الخامسة القادمة لانها مدينة جميلة يجب تسليط الضوء عليها لتنبض بالحياة والجمال والفن.
{ وجه ضحوك وابتسامة تحمل الكثير من الفهم لمعنى الصورة التي تحافظ عليها الفنانة جوليا قصار الى اي مدى تؤثر الصورة الاعلامية على الفنان بشكل عام؟
- ضروري جدا للاعلام ان يلقي الضوء على الجمال من حولنا خاصة الفنان، فكل ابداع يجب تسليط الضوء عليه لان الاعلام يلعب دورا مهما في ابراز الصورة الجميلة للبلد وللفنانين وللمهرجانات كي يخفف عن الناس التي عاشت الحروب والمصاعب،  وهذا يعطي نفحة من الايمان والثقة والتفاؤل بهذا البلد. مثل مهرجان طرابلس الذي رأينا من خلاله بهجة المشاركة فيه . طبعا صورة الاعلام مهمة للفنان ولسواه. 
{ فنانة محبوبة وقادرة على دخول القلوب والعيش مع المشاهد ببساطته الشعبية؟ متى نراك بأعمال كوميدية تساهم في لمس الجرح الاجتماعي تلفزيونيا؟ 
- ابتعدت عن التلفزيون لانه لم يقدم لي اي عمل يشجعني لاشارك فيه، اما كوميديا في السينما شاركت  في فيلم «محبس» الذي لاقى الاقبال من الجمهور لبساطته الشعبية التي تميز بها ويصعب تحقيقها دون ابتذال، وانا مع هذه الاعمال التي تطال اكبر عدد من الناس لتكون مرآة للناس التي تشاهده. دائما نتفاءل بالخير نجده.  
{ كلمة اخيرة للمرأة؟
- بكل بساطة تحقق نفسها وتؤمن بمجال العمل الذي تختاره وان تبدع فيه نحن نؤمن بالمرأة الام والزوجة وهذا الدور المهم والاساسي لبناء المجتمع.  لكن ايضا ان تكمل هذا الدور وتكون المرأة العالمة والعاملة وبذلك تساهم  اكثر في بناء المجتمع وان تحقق ذاتها وقد اثبتت انها قادرة على الاهتمام بالبيت والعمل لانه اهتمامها بالثقافة والعلم يجعلها تتطور ويمنحها القوة في هذه الايام. وتحية لها اينما كانت وفي كل المجالات وهي قمة في العطاء والموهبة والعلم ونفتخر بالكثير من النساء. 

dohamol@hotmail.com