بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 تشرين الثاني 2020 12:00ص القضية الفسطينية في أعمال الفنان الراحل عدنان يحي

حجم الخط
لم ينفصل الفنان الفلسطيني «عدنان يحي» (Adnan Yahyia) عن قضيته الأساسية وعلاقته بالأحداث وتأثيرها على الماضي، وبتطوّر فني ينتمي إلى الجذور وتمسّكه الشديد بها، ضمن الفكرة المثيرة للجدل حول الإنتماء والهيمنة على أبناء الشعب الذي ينتمي إلى الأرض التي شربت من دماء تركها في أكثر لوحاته، وإلى الكتاب الذي تمزق من المعاناة، برسومات هي حقيقة الموقف النقدي الإنساني للانتهاكات القوية دون تجاوزات وإن بسريالية الواقع الذي لا يصدق من شدة المعاناة، وبتركيز على التشكيل العميق بصريا، والمتشابك بين القضية الفلسطينية والقضايا الإنسانية المحقة من مجازر قانا إلى المجازر الأخرى، والحروب التي تحصد أبناء فلسطين في كل مكان. فهل يموت الفنان الذي حمل هموم القضايا الإنسانية وبالدرجة الأولى قضية فلسطين الجذور والأعماق في لوحات هي تعبيرات بصرية قوية لأحداث وقعت على شعب تمزق؟ أم أن رحيله هو جزء من مواجهة أخرى تفتح الأبواب أمام القضية الفلسطينية والتأثر التاريخي الإنساني في أعمال الفنان الراحل عدنان يحي؟

ما من حدود للقضية الفلسطينية في أعمال الفنان «عدنان يحي» واحساسه الفني المرتبط بالدوافع واشكال التعبيرات المفتوحة على حرية الفنان الشخصية في تشكيل الرؤية المرتبطة ارتباطا وثيقاً بالبيئة الاجتماعية والسياسية والثقافية العربية قبل الفلسطينية، والمستمدة كلها من الوجود المطلق للقضايا الفلسطينية في كل أنحاء العالم، وخاصة مجتمعات المخيمات وما تلاقيه من أحداث منها المجازر على كافة الأراضي العربية، وبتعزيز بصري بعيداً عن الخيال الوهمي، بل ضمن الخيال الفني وإعادة تشكيل الواقع بسريالية تشير الى فظاعة الأحداث الدموية وقوتها، وقدرة الشعب على تحمْلها وتوثيقها في لوحات هي ذاكرة لا يمكن محوها فنيا من التشكيل الفلسطيني وبنظرة ثاقبة تميّز بها يحي في التعتيم والتفتيح، وتسليط المجهر على حق العودة، بل واستحالة القتال والحفاظ على الأمل المستقبلي رغم صعوبات الأحداث التي رسمها بأسلوب يمثل البحث عن البداية والنهاية، والأسباب والنتائج، وبرموز تمثل القوة قبل الضعف، وبمكوّنات المشهد الأصلي الذي خرجت منه جوانب القضايا الإنسانية والفلسطينية معاً، وتمثل الاعتراف بالمعاناة التي وحدت الشعب وأحلامه في تخفيف شدة الألم للحصول على أرضه أو على شجرته العجوز القديمة، وبتكثيف حركي لتفاصيل هي الأجيال التي تتعاقب ضمن فتحة ضوء يتركها كومضة لونية، وتمثل فتحات الأمل لعودة يتذوّق حلاوتها «عدنان يحي» من خلال الفن التشكيلي. فهل التطوّر الفني في أعماله هو البرهان الحقيقي للتطوّر الحقيقي للقضية الفلسطينية، وشرعية ذاكرتها المستقبلية المتسلحة بالصبر والتحمّل والصمود، وببراهين تشكيلية تحليلية في أبعادها، وبقوة المشهد الذي ترجمه عدنان يحي بوجع إنساني يصرخ في لوحة ذات لسان بصري فلسطيني. فهل يموت من رسم المشاهد المؤلمة بريشة تقاوم الاندثار وتفرض الوجود الفلسطيني وحقه في العودة الى أرضه ودمه المعجون فيها بل والمتلاحم مع ترابها؟

لوحات ذات واقع أكثر مأساوية مما توحي إليه، وبتمثيل لصراع ضحاياه من الفلسطينيين وسط الكثير من القبور أو النصب أو الدمار للتعبير عن القومية الفلسطينية وقوتها العابرة لحدود العالم، وبانتفاضات المقاومة الفلسطينية، والشهداء الأبرياء فيها للتمييز بين القاتل والمقتول، وممن مات في مجازر وأصبحوا الأبطال في القضية الذي حملتها ريشة «عدنان يحي» وسلّط الضوء التشكيلي عليها للتناسق مع الكفاحات الفلسطينية في أسلوب الجذب البصري المناضل للتعاطف الدولي تجاه الفلسطينيين، لينفي الشعور بالتخلي عنهم، ويؤكد من خلالها الفنان ان الظلم الإنساني الكبير وقع على الضحايا من الفلسطينيين بالدرجة الأولى. فهل ولد الفنان «عدنان يحي بين الرحيل والشتات؟ أم أنه احتفظ بالهوية الفلسطينية في لوحات تميّزت بقوة الذاكرة وبالتاريخ المؤثر على تطوّر الفن الفلسطيني؟