بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 كانون الأول 2018 11:22م الكتابة... والمزاج

حجم الخط
سألني: متى توقيع كتابك الجديد؟..
قلت: لا كتاب جديد عندي.
قال: لماذا؟.
قلت: لانني لم اكتب
قال: ولكن الجميع يكتبون..
قلت: مبارك لهم ما يكتبون.
انصرف غير راضٍ.
حوار قصير بسيط يفتح الباب على مصراعيه على قضية الكتابة. ويطرح سؤالاً هل الكتابة (واعني الابداعية) هي وظيفة يومية تتطلب تخصيص وقت محدد من اليوم للجلوس إلى طاولة وجعل القلم يجري؟.. أم انها مرتبطة بالمزاج بشكله العميق والذي يُمكن ان ينتج ما يرضي الكاتب؟..
وهذا يذكرني بحوار ساخن جرى بيني وبين الروائي الراحل حنا مينه ونبعت السخونة من سؤال له إذ كيف تمكن من كتابة 28 رواية (كانت وقتها بهذا العدد)..
فقال انه اعتاد منذ بدأ الكتابة على الجلوس إلى طاولته كل يوم لمدة لا أقل من ساعتين على ان يكتب خلالها ما يقارب العشر صفحات بخط يده هذا بغض النظر عن حالته مريضاً كان أم مسافراً، تعباً أو مرتاحاً سعيداً أو شقياً...
وهذه الصفحات العشر يومياً تجمع سنوياً 3650 صفحة مما يؤمن ولادة رواية جديدة.
لم تعجبني الإجابة... ولم تعجبه ردة فعلي. وحدث حوار لا يخلو من بعض السخونة وتمسك كل واحد منا برأيه إلى ان انتهى الأمر بتدخل صديقي الراحل زهير غانم لترطيب الجو مع وجهة نظر ان كل كاتب في أسلوب كتابته ما يريحه.
بالنسبة لي واظن ان ذلك يشمل غيري أيضاً لا استطيع الإمساك بالقلم والكتابة في مسودة رواية من دون دافع داخلي خفيّ يدفعني إلى ذلك.
ولذلك هناك روايتان قاربتا الإنجاز لكن هذا الواقع لم يتوفر فلا اقترب منهما.
الكتابة الروائية ليست مجرّد سرد، إذا لم يستطع الكاتب اذابة نفسه ووجدانه وتحويلهما إلى كلمات فأن الأمر لا يعدو كونه مجرّد سرد لا أكثر... وما أكثر هذه الحالات في ما يصدر الآن من روايات بعد ان انخفض جدارها وسهل القفز فوقها فنرى حتى شعراء تركوا الشعر جانباً وانصرفوا إلى كتابة الرواية كأن ذلك الانتقال من قيادة سيّارة إلى أخرى.
وما يزعج في الأمر ان بعض هذه الأعمال السردية ينجح أصحابها في الوصول إلى لجان الجوائز وتحصل هذه الأعمال على جوائز مع ما يرافق ذلك من طبل وزمر.
لماذا يحصل ذلك؟..
يحصل بسبب الانهيار الثقافي العام الذي يعم المنطقة والذي يحطم كل المعايير ويلغي كل المقاييس.
الا معايير ومقاييس العلاقات والمصالح الشخصية التي غالباً ما تكون مشتركة... وفي الفم ماء...