بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 تموز 2023 12:00ص المواجهة مستمرة

حجم الخط
في ظل الواقع المزري الذي نعيشه على جميع الصعد الأمنية والسياسية والاقتصادية والمستمر دون انقطاع منذ عقود!! دوّامة تغيّرت خلالها وجوه وأسماء، ولكن لم تتغيّر الممارسات، وبتنا ننتقل كما تقول العامة: «من هالك الى مالك الى قبّاض الأرواح»..
هذا الأمر العجيب الغريب دفعني الى سؤال صديقي الروائي: «أين أهل الثقافة وأنديتهم؟ أين أصواتهم الرافضة لهذا الإذلال الذي نعاني منه الأمرّين والخوف كل الخوف أن نعتاده كما اعتاد العبيد القيود والقهر والعذاب..».
أجاب صديقي بهدوء، معلّلاً الأسباب التي يعاني منها جميع المثقفين في وطن الحرف! ذلك لأن السؤال يضع الأصبع على جرح لطالما قاسى منه المثقفون ومن اضطهادٍ حدّثنا عنه التاريخ الحديث والقديم، وعن المعارك التي خاضوها ضد الظلام والظلاميين هي الدليل، وقد تعرّضوا خلالها لشتى أنواع القمع والإذلال والتنكيل، ولكن هذا لم يردعهم بل تابعوا نضالهم لأن «الأفكار لها أجنحة» كما قال الفيلسوف ابن رشد، ومن الطبيعي أن تنتهي تلك الصراعات بانتصار العقل والإبداع وبالطبع المواجهة مستمرة، لأن قدر المثقفين أن يعيشوا في عين الشمس وينموا في الترب الخصبة فكرياً وعلمياً وفلسفياً، ولكن يجب أن نعترف أمام حال التصحّر الذي نعاني منه إرتأى بعض المثقفين وهم قلّة، الإنكفاء ريثما تحين الفرصة المناسبة للإنقضاض، على اعتبار إن المتغيّرات (المعروفة) فاجأت الجميع ولا يمكن مواجهتها بانفعال وغضب، لأن الكلمة ليست بندقية سريعة الطلقات.. بل هي فعل إيمان بمستقبل لا بد أن يكون مشرقاً، وواقع الحال ليس أكثر من مأساة تتحكّم فيها كل الغرائز والتخلّف والجهل والتعصّب المقيت، كذلك نمو لعصبيات لا ندري كيف طافت فجأة على السطح! وكنا نعتقد بأنها باتت من مخلّفات الماضي غير السعيد! ولكن من أيقظها؟ ومن حمل أفكارها وشعاراتها؟ بالطبع سيحمّله التاريخ مسؤوليتها.. والمؤسف أن الجميع ظنّ إننا إنتقلنا من تلك الحقبة الى عصر الوطن والمواطن بعد ثورة التكنولوجيا..