بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 كانون الأول 2017 11:19ص الناس تتحضر للإحتفال.. ماذا عن الوطن؟

حجم الخط

أسير في شوارع المدينة المنهكة بالتحضيرات لعيد الميلاد ورأس السنة، ذاك يتحضّر لسهرة عامرة، وهذا يشتري الهدايا المغلفة بالالوان البراقة، وتلك تختار تسريحاتها التي تتماشى مع السهرة العظيمة..! والاخرى حائرة، اذ يجب ان تكون بكامل اناقتها لهذه المناسبة المهمة!!!

أما أنا، فقد سكرتُ بأضغاث أحلام حول زمن مضى في بيروت، أسير في شوارعها أستمتع، بغروب شمسها أستنشق هواءها المليء بروائح الطائفية، إلا انها حبيبتي، تاريخي، زمني الذي مضى وسيمضي.

بيروت التي ترعرعت فيها وعانيت معها وتحمًلت آلامي، ووجع الغربة التي نعيشها في هذا الوطن الذي يقيمون الإحتفالات فيه لاعتبارات شخصية وهمية.

وَهمُ نعيشه كل سنة اسمه احتفال سهر ورقص على أجساد، هذا الوطن الموجوع من عدم الإنتماء له.

وهمُ لا زلنا نرتشف منه خدعة الإحتفالات.. ونحن ندفن أحزاننا، بصمت مميت.

تمضي أعوام، وترحل سنين وفي أعماقنا يُتمُ أليم، ضائعين بين ثرثرات العمر والبلد تائه مصيره مجهول.

سنين تُسطر حكايات على أرض هذا الوطن الذي أصبح بارداً شارداً يحكي أحلاماً كاذبة على لوح من جليد..

نحتفل بالذي مضى من مآسي وجرح دائم لا يندمل، وطن شاخَ وشابَ من طائفيته المدمرة، من انسانيته التي فُقدت على قارعة الطريق

سنين ترحل وأعوام تأتي والانتظار يطول، يُسطًر مسافات لا حدود لها، نركض وراء أحلام وأمنيات فارغة مملة كعمر كاذب يرافقنا كظلنا.. وما تلك الأعوام إلا خدعة كٌتبت علينا وما نحن إلا أرقام نتداولها.

خطوط السنين العاجزة ارتسمت على هذا الوطن، وألم الحياة أرهق، نبضاته، وأزال الابتسامة التي كانت ترتسم على سفوحه..

فبماذا نحتفل...؟ نحتفل بوطن حلمه ينازع الموت...! نحتفل لنسخر منه، لنستهزئ بوجعه، لنكرر ظلمه..!!

ومع كل ذلك ما زلنا نحلم أن يعود هذا الوطن الى حضن أبنائه، لنحتفل بانتمائنا له لنقول إن بيروت النابضة فينا قد أعادت الفرحة الى شوارعها وأزقتها وأبنيتها وأهلها.