بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 كانون الثاني 2020 12:01ص النظرية والواقع في كتاب «ثورة» لـ ماكرون داخل فكر أصغر رئيس في تاريخ فرنسا

غلاف الكتاب غلاف الكتاب
حجم الخط
يشكّل كتاب «ثورة» لـ إيمانويل ماكرون والصادر عن «شركة المطبوعات للتوزيع والنشر» ثورة حقيقية «داخل فكر أصغر رئيس في تاريخ فرنسا» للكثير من المفاهيم والقناعات التي نستكشف من خلالها صناعة القرارات دون الاختباء خلف عبارات أدبية ذات لغة رقيقة دبلوماسيا كاعترافات إستراتيجية تتيح للقارئ معرفة عقل ماكرون وتكوينه الأسري المؤثر على سلوكياته العامة والخاصة، إضافة خلق قدرات فكرية تؤدّي الى فهم رؤيته الاقتصادية الرقمية والسياسية بعيداً عن الأزمات الأخلاقية السياسية وما يشاكلها من «إدارة الحياة الوظيفية أو الوقوف في رتل المرشحين» الذي تخطّاه ماكرون بتذليل الصعاب التي واجهته «ذلك وراء الحيوية المصممة بحراً من الإحساس، لا يخوضه إلا الضعفاء، حيث يمكنهم إيجاد أنفسهم» فما بين ما يؤمن به وما بين مواجهة واقع العالم استطاع كتابة ما يشبه البرنامج الرئاسي الذي يضعه وجدانيا أمام ذاتيته بموضوعية تطلّعاته السياسية والمكوّنة من القدرة على فهم قطاع اقتصادي وتحدّياته الصناعة ومن الاهتمام بموضوعات منطقة اليورو والاقتصاد وبين ما يؤمن به في الفصل الثاني من الكتاب «بأن الشعب يخفي كنوزا من الطاقة لا يعرفها حتى أولئك الذين يدّعون التحدث باسمه» فمن سيرته الذاتية الى رؤيته لمستقبل فرنسا نشعر أننا أمام فعلا ما نحن عليه في العالم وليس في فرنسا فقط، إذ يتطلب ولوج هذا القرن الجديد معرفة التوفيق بين ما نحن عليه في العمق وما يجب أن نصيره «فهل لغة الثورة هي لتصحيح مسارات تجعلنا أمام الوطن الذي نحب؟ أم اننا نصحح مغالطات» تحررنا جماعيا، تحررنا من الخرافات، الدينية أو السياسية، تحررنا من الأحكام المسبقة الاجتماعية، تحررنا من كل تلك القوى التي تتعاون لتجعل منا عبيداً دون أن نعي ذلك دائما»...؟ 

يفتح ماكرون في كتابه «ثورة» العين الثالثة على القيم التي يشرحها بتؤدة من جدته الى زوجته ومن ثم الى التحوّل الكبير في الفصل الثالث والحضارة المخيفة التي تتقدم بسرعة مذهلة وعلى فرنسا اللحاق بها دون أن تصاب بالفشل في التحوّلات ومنها أن «عشرات المهن الجديدة ستظهر في السنوات المقبلة، وقد أبصر بعضها النور إضافة الى تحوّل عميق في المخيّلات» كما يذكر أيضا ان الشعوب ستسعى الى احتلال مساحات أخرى. فهل نحن فعلا في العالم الذي نريده؟ وهل كتاب «ثورة» يحاكي كل الثورات التي حدثت في العالم العربي؟ إذ يقول ماكرون في كتابه «انه التهاون الى جانب الأعداء الذين يمكن تسميتهم، هناك واحد هو الأكثر هولاً، انه التهاون. فنحن ضحايا خمولنا أكثر من كوننا ضحايا أعدائنا». فهل نحن قادرون على مواجهة التحدّيات الكبرى في العالم والتغيّرات أو التحوّلات؟

الكتاب يحمل رؤى وتخطيطات للحاق بالركب الى الابتكارات والاستثمار في مستقبلنا دون أن يذكر كلمة الحاضر واضعا القارئ أمام الماضي والمستقبل من خلال برامج اقتصادية وسياسية واجتماعية يعالجها بتؤدّة واناة كرئيس يحاول زيادة الانتاجية في دولته وإنقاذ ليس فرنسا بل كوكب بكامله «إذا أردنا النجاح على الصعيد الاقتصادي في القرن الحادي والعشرين، علينا أن نواجه أيضا التحدّي البيئي» فالتطلعات كاملة تشكّل إيمانه في الغد الذي سيصبح تكنولوجيا نظيفا وهذا يعتبره واحدة من الركائز الكبرى للاقتصاد العالمي، خاصة وان التلوث بات يشكّل الكثير من القلق على جميع الشعوب في العالم محاولا بعد ذلك وضع الأسس لتعليم أولادنا في الفصل الثامن مشدّدا على المعرفة والثقافة وإلغاء التفاوت في النظام التربوي مع حفظ القدرة على كسب العيش من العمل. لا أعرف لما شعرت ان الكتاب هو نوع من رؤية لمدينة فاضلة منخرطة في العالم الفاصل الذي يتطلع إليه ماكرون بثقة المنخرط في العالم ملوّحا بخطر الارهاب والداعشية التي أصابت استقرار العالم. فهل الثورة في كتابه هي لمواجهة الأزمات الاقليمية أم مجرد أحلام؟