بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 آب 2018 12:01ص النور الكافر

حجم الخط
فراغٌ أجوف.. يرتدّ إيقاعه وأعليه للفضاء كي يعيده إلي... مدهشةٌ أنا في رصد الثقوب السوداء في فلك الليل الطويل... في الريح تتبدّل الأصوات تذوي ثمّ يستحضرها الألم المذهّب بأطر الروح... يبتعد وجهٌ.. يليه الثاني... يسكنني جنونٌ بربري لا عهد للسحاب به... يعلو ويخترق الملاءة الحريرية لجيد الغيم المرتحل... أين أنا وأين هم؟ تلك الوجوه التي أنكرت وجودي يوماً في أزقة ظلالها وخيالاتها...لكلّ شيئٍ نهاية... هكذا نسوّي ذاكرتنا لتعتاد الخنوع المطبق...فراغٌ أجوف...لم يحبها...لم يقنع بها... لم يسكب أوردة حلمه على قارعة انتظارها... لم يبصر الدمع المنحدر من قرع الطبل في فؤادها...كلماتٌ للعزاء ساجيةٌ في ركن التكرار.. تزحف عليها أنفاس الخريف كلّ يوم.. لم ترقّ حاشيته لصراخ البوق المحتدّ ينفخ فيه جنون الهوى..تركها للفراغ نازعاً عنها شطر الفجر الأخير.. والعصا التي هوت على رُسلك تضربُ آهاتي.. لم يعد لها أثر في ذلك الفراغ الدامس الناقم..عجبتُ كيف تتمكّنُ أن تكذب على نفسك الجامدة في صقيع الاحتمالات..لا تصبّ الخمر في قوارير الدجى فقد ثمل..قوم عاد وثمود هل سمعت يوماً بقصّتهم في الصحراء مع ناقة انشقّ طيفها من صخرة فعقروها..حكى الفراغ مروّعاً الأحزان فعلتهم... كما هذى بزلّتي الجارفة في دنيا العدم..
وفراغٌ  أعليتُ حدودهُ غصبا...
أغلالُ جمودهِ هرّبها الليلُ الدامي...
حلّقَ في غمرةِ يأسِهِ سربا...
يهتزُّ شراعُ سفينتهِ القاني.....
مهلاً يا موتي مزّقتَ نقابي عنّي..
جرّحتَ حناجرَ صمتي..أرخيتّ سلالي...
فتدفّقَ عطرٌ منها حرْبهْ.....
رحماكَ أنيني. ارسمْ لي دربا.....
بلّغْ قافلةَ الغربةِ إنّي للهجرِ أبالي..
عادُ... ثمودْ.... قومٌ بلّلهمْ شوقٌ مهتزٌّ للنكرانْ....
وذرى دائرةٍ للنورِ الكافرِ منهُ حيالي...
قد أتلو لكَ أسفاري وجنوني حربا...
عجّلْ بعصاكَ لتهزمَني يا موتي...
ضقتُ حنيناً لشواطئِ لحدي.......
وفراغٌ لي.. ستواريني حشرجةُ الزمنِ البالي..
تجرفني كي أومضَ في غيبهِ قلبا...

نسرين بلوط