بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 كانون الثاني 2019 12:03ص الوزير والنائب السابق محمّد يوسف بيضون لـ«اللواء»: سبق ودشنت المكتبة الوطنية في مبنى «الصنائع» سنة 2001

لم يبق شيء في لبنان إلا وتمت «شخصنته»

حجم الخط
النائب والوزير السابق محمّد يوسف بيضون عرفته الحالة السياسية اللبنانية وجهاً من وجوهها الناصعة، صريحاً كحد السيف، نظيفاً كثلوج القمم، طيب الروح من طيب الأروحة، جاء إلى السياسة من مجال صناعة المستقبل، مجال صناعة الأجيال التي تساهم في بناء الوطن، جاء من مجال التربية والتعليم.
تنقّل في مواقع مسؤوليات عدّة في النيابة منذ 1972 حتى 1996 ثم وزيراً لوزارات عدّة (الشباب والرياضة)، (الثقافة)، (الموارد الكهربائية)، (الصناعة والنفط)..
وفي كل هذه المواقع كان الوجه المشرف للعمل الحكومي والمسؤولية العامة، حول هذا كلّه وتحديداً حول تسلمه مسؤولية وزارة الثقافة عام 1998 وما تضمنت هذه المرحلة من تحرك ثقافي لافت من ضمنه مشروع المكتبة الوطنية التي تمّ افتتاحها منذ فترة قصيرة رسمياً، والمراحل التي مرّ بها مشروع المكتبة وخلفياته.. كان هذا اللقاء:

{ سنة 1999 وبجهدكم، أعلنت ورشة إعادة تأهيل المكتبة الوطنية، بناء على دراسة خبراء فرنسيين وقد أُدرجت ضمن فعاليات بيروت عاصمة ثقافية للعام، بحكم موقعكم المسؤول ماذا كان سبب إهمالها؟ وهل فكرة إعادة تواجدها كانت لأنها ضمن مشروع إعلان بيروت عاصمة ثقافية أم ماذا؟
- حين تسلّمتُ وزارة الثقافة، سألتُ عن مكان الكتب وتبيّن أنها موجودة في مستودع في منطقة سن الفيل. عندها استنكرت الموضوع كونها كنز لبنان الثقافي، ثم أخذت قراراً بجمعها ونقلها إلى الجامعة اللبنانية في الشويفات، حيث تمّ توضيبها عبر الاستعانة بخبراء من أجل حمايتها و المحافظة عليها، وكان ذلك قبل إعلان بيروت عاصمة ثقافية.
{ إذاً، هل يمكننا الجزم بأن الوزير محمّد يوسف بيضون أنهى فترة المراوحة حول إعادة إحياء المكتبة الوطنية منذ أيام دي طرزي حتى استلام وزارة الثقافة؟..
- في الحقيقة، كانت المكتبة في الأساس في مبنى مجلس النواب، لكن عندما تعرّضت بيروت للقصف وصارت غير آمنة، تمّ نقل موجداتها إلى منطقة سن الفيل.
{ سنة 2001، تبنى مجلس الوزراء مشروع نقل المكتبة الوطنية إلى (مبنى الصنائع) ومنذ ذلك الوقت كانت هناك حالة جمود بشأن هذا المشروع.. ما السبب برأيكم؟
- عندما نقلت إلى (مبنى الصنائع)، أذكر أني قد دشنتها. إنما إن كان هناك تدشين ثانٍ فأؤكد أني لم أدعَ إلى هذه المناسبة ولم يُذكر اسمي أيضاً.
{ في الحديث عن التدشين الثاني، الذي حصل منذ فترة زمنية ليست ببعيدة، يُقال إن تأخر هذا التدشين له خلفية سياسية. برأيكم ما دور السياسة في هذا الإطار؟
- لربما لعبت المحاصصات السياسة دوراً في هذا الإطار أو لأن السياسيين لم يكونوا على علم بوجود المكتبة أو ربما نتيجة الإهمال وإيلاء الاهتمام إلى مشاريع أخرى من أجل تحقيق مكاسب شخصية باعتبار أن المكتبة الوطنية ليس لها مردود مادّي.
{ استلمت وزارة الثقافة آتيا من المجال التربوي الذي يعتبر مجالاً ثقافياً، إنما بعض الذين أتوا فيما بعد كانوا أغراباً عن الوسط الثقافي. أهذا هو السبب؟
- لا علاقة لهذا بالموضوع. فالثقافة أساس الحضارات، وليس شرطاً على وزير الثقافة أن يكون متخصصاً في المجال التربوي أو الثقافية، إنما يكفي أن يكون مثقفاً ومطلعاً على قضايا واحتياجات المجتمع وأن يتمتّع برؤية واضحة لاستجلاب الخير والنعم إلى الوطن.
{ المكتبة الوطنية أحد المعالم الثقافية في لبنان، السؤال يطرح نفسه، ما سبب تدخل السياسة في المواضيع الثقافية؟
- لم يبقَ شيء في لبنان إلا وقد تمّ «شخصنته»، مما أدّى إلى استثمار المجال الثقافي بقيمته الروحيّة والمعنوية لتحقيق المكاسب السياسية كون ممثلي الشعب لا يتخلّون عن أنانيتهم المكشوفة والفاضحة. وبرأيي أن السبب الجوهري يكمن في فقدان رجال سياسة لديهم العقل الكافي لاستيعاب ما يجري في البلد، وهناك فرق بين نوعية رجال الأمس ورجال اليوم، مما أدخل الحزن والأسى إلى قلبي لما وصلت إليه حال بلادنا في غيابهم.
{ إلى أين يتجه البلد؟ وهل ترى أنه يمرّ في مرحلة مفصلية تاريخية؟
- لا أصدق كل ما يقال عن لبنان بأنه على شفير الهاوية وأراه مثل «القطة بسبع أرواح» كونه يتمتع بقوة ذاتية تتمثل في رجاله ولو كانوا أقلية.
أنا متفائل، لا خوف على لبنان لأنه لطالما اعتمد على نفسه في تخطي الصعوبات والانتكاسات، ولكن لا أخفي قلقي على البلد من الناحية الاقتصادية، إنما طموح اللبنانيين وآمالهم ستتصدّى للأزمات الحالية والمرتقبة ولا سيما الاقتصادية منها.
{ برأيك مَن هو أنجح الوزراء الذين تعاقبوا على استلام وزارة الثقافية؟
- أعتقد أن غسّان سلامة كان أفضلهم، حيث تمكن من إدارة الوزارة بشكل جيّد وعَمِل على تنمية وتعزيز الثقافة في لبنان من خلال تنظيم العديد من المؤتمرات، كذلك أرى ميشال إدّه من أنجحهم كونه مثقف وقام بأداء واجبه على أكمل وجه.
{ هل أصبح للوزارة هيكلية وفعالية؟
- نعم، فهناك وزير ومدير عام ورؤساء أفسام وموظفون وهذا هو المطلوب.
{ لنفترض أنكم عدتم واستلمتم وزارة الثقافية، ما الذي يُمكن أن يتغيّْر؟
- إن توفرّت الميزانية، سأعمل على استكمال تحقيق المشاريع وسأفعل «العجائب»، منها ما كنتُ قد وضعتُ لها التصور، كإنشاء الأوركسترا الشرقية الوطنية التي كانت حلم الدكتور وليد غلمية، وأذكر أني طالبتُ بمبلغ من أجل تنفيذها كونها أحد أوجه لبنان الثقافية القيّمة.
وسأعمل على تحقيق حلمي في إنشاء دار أوبرا في بيروت، كما سأسعى إلى إعادة إنعاش متحف رشيد كرامي الذي تبنّيتُ وضع خطة إنشائه سابقاً . وأودّ أن أشير إلى أن هذه الذكريات تريحني، لأنها لخدمة البلد، وهذا واجب .
{ ما نصيحتك إلى وزير الثقافة الحالي؟
- أن يحصر أعماله في المجال الثقافي فقط.

حوار: إلياس العطروني
غنى إسماعيل