بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 تشرين الثاني 2019 12:02ص بصمة فنيّة فريدة من نوعها في العالم بيد الخطّاط محمود بعيون الذي رحل منذ أيام

مع إحدى لوحاته مع إحدى لوحاته
حجم الخط
حافظ الخطاط «محمود بعيون» على إنسياب الخط الديواني في القرآن الخاص الذي أنهى تخطيطه تاركا فيه بصمة فنية فريدة من نوعها في العالم من حيث صعوبة تنفيذه في القرآن الكريم كاملا، وهو من مارس الخط منذ سنة 1950 وشارك في العديد من المعارض في لبنان والعالم، ربط بين العديد من المهن المرتبطة بالخط العربي الذي لم يفارقه طيله سنوات حياة أمضاها في استكشاف ربط الحروف ببعضها، لفهمها بصريا ضمن قاعدة كتابية صارمة ودقيقة ذات جمالية نفّذها للوصول الى كنه اللغة العربية من خلال القرآن الكريم الذي يشكّل قيمة مركزية كبرى في حياة المؤمن والمجتمع المسلم، وبخط ديواني عزّزه بالكثير من الرؤى الابتكارية التي استطاع من خلالها إيجاد مرونة في الخط الواحد دون الوقوع في الرتابة أو التكرار البصري المؤدّي الى فقدان الجمالية الخاصة في الآيات. فهل ميزة الحرف عند الفنان محمود بعيون هي ميزة الخط الديواني في القرآن الكريم الذي نفّذه بيده وبجمالية خاصة؟ أم انه ترك الكثير من اللوحات التي تتضمن قاعدتها الفنية مفاهيمه الخاصة في الخط العربي؟

حافظ الفنان «محمود بعيون» على تخطيط النقاط والخطوط ضمن إيقاعات تتكرر في بعض الأحيان، محتفظا بنكهة تراثية للحرف العربي من خلال ما قدّمه طيلة حياته من إلتزام في لوحاته التي تشهد على رشاقة حرفه وحركته الإيقاعية، كالعازف على نوتات ذات تفاصيل حرّرها من عصيانها الشكلي، ومنحها تعددية في المساحات محتفظا بروحية كل حرف، ليعكس معناه وفق إستثناءات إلتزم بها في القرآن الكريم، لتدخل حروفه في حيوات اللغة العربية التي منحها أيضا لطيران الشرق الأوسط مع شعار الأرزة الشهير على طائرات شركة الـ «ميدل ايست»، وهو من احتفظ بأسلوب فني ذي روحية جمالية تضفي على لوحاته أو كتاباته المتجذّرة من رؤيته القرآنية نوعا من الرصانة التي تدفع المتأمّل لها للتعمّق بها، إذ لا يظهر الفنان «محمود بعيون» الشكل فقط، إنما يحتفظ بروحية المعنى وعمقه، لتكون هي الدافع للكتابة بصبر يتفجّر من التعاليم القرآنية التي لامسها بفهم يتجذّر من أهمية الحرف والبُعد المقدّس للإرتقاء الى مستوى العمق الجمالي والمحتوى الإسلامي وفقا لسور وآيات القرآن الذي ثابر على كتابته حتى يتسنّى له التفكّر في هذه اللغة وأبعادها السماوية أو بمعنى آخر الإلهية.

ارتبطت تطوّرات الخط العربي في حياة الفنان «محمود بعيون» بقداسة الحروف القرآنية التي تدفع الإنسان الى التأمّل المختلط بالسكينة والوقار متجاوزاً بذلك عالم المظاهر أو الشكليات المادية الخارجية، والدخول الى المطلق، مما يجعل من كل عمل من أعماله وثيقة فنية جمالية تساعد على تجاوز مظاهر الحرف الخارجي الى معناه، وبتعددية ترمز الى الكائنات من خلال أشكال الحروف التي رسمها بمظاهر مختلفة الأحجام، مما يتيح الى خلق رؤية تعبيرية تعتمد على المطلق عند تكوين الكلمة من عدّة حروف وبعدّة أشكال جوهرية ترمز الى الحقائق الخفيّة في لغة ما زلنا نستكشفها. فهل اعتمد «محمود بعيون» على قوة الخط العربي ميتافيزيقياً وما يرمز اليه القرآن الكريم من سكينة وهدوء تدخل الى النفس مما يمنح الحرف العربي خاصية قدسية؟

استطاع «محمود بعيون» فهم الخط المتجذّر من العربية وبالتالي فهم البُعد الروحي أولا وكينونته الإسلامية التي أبعدها عن كونها مجرّد كلمات مولودة من الإنسان ومعتقداته الى انعكاساتها الذاتية فيه فقد منحها الحقيقة السماوية التي تجلّى من خلالها القرآن الكريم الذي يحتوي على شواهد كثيرة للوصول الى الوحدانية أو الى الله لهذا تمسّك بتخطيط القرآن الكريم ليبقى شاهداً على فهمه كنه اللغة والخط العربي وتحديداً الإسلامي.