4 آب 2020 12:03ص ثقافة المرحلة الصعبة

حجم الخط
يمرُّ الوطن العربي كما تمرُّ ثقافتنا العربية بمرحلة صعبة تتعرّض فيها لمختلف أنواع الأخطار مصدرها القوى المعتدية الدائبة التحركات التي تهدف الى تمزيق الوطن العربي وتركز على تقطيع أوصال الشخصية العربية والتي لا تحتاج إلى نظر عميق وجهد كبير لاكتشافها وتقدير أثرها وخطورتها، لذلك علينا أن نبادر إلى استئصال هذه الخطورة التي تغرس في بيتنا العربي ونزرع مكانها العزّة الوطنية والإباء العربي ونجابه هذه القوة بسلاح أمضى من سلاحها مجابهة واقعية صريحة، بذلك نكون قد حققنا الحماية والصيانة والسلامة.
ان وطننا العربي غني بإمكانات التقدّم وهذه الامكانات لا تتحقق إلا بقدر ما يتوافر له من وجوه القدرة الذاتية: الوجه العلمي والتكنولوجي والوجه الخلقي والوجه النضالي التحرري والوجه البنائي الوطني. وهذا كله لا يتم بمعالجات جزئية متفرقة وإنما بتحوّلات جوهرية بمجملها تنتقل بوطننا العربي بوجه عام من وضعه الحاضر الى وضع جديد متميّز بالمنعة والفاعلية والإبداع. ومن الثابت ان العلم والخلق هما المصدران الرئيسيان للقدرة الذاتية. بالعلم نستكشف نواميس الطبيعة ونتقدّم ونترقى في شتى الميادين، وبالخلق نوجّه مسلكيتنا في الحياة وأهدافنا الى غاياتها الصحيحة.
من هنا علينا أن نجعل العلم فاعلا ومولدا في مجتمعنا، ومن هنا تقتضي التعبئة: تعبئة الموارد المادية والكفايات البشرية. والمثقفون العرب يدركون أهمية دورهم في هذه المرحلة الصعبة من تاريخنا. هذا الدور الذي يقتضي منه حشد الطاقات وتوحيد الجهود في عمل جبهوي يلتزم موضوع النهضة العربية الشاملة بالوطن العربي.
ومن هنا أيضاً علينا تحديد معالم المستقبل العربي في القرن الحادي والعشرين فلنجعل من ندوتنا هذه ومن مؤتمراتنا وندواتنا اللاحقة منطلقا لتخطيط غدنا الذي ننتظره أكثر إشراقا وأوفر إيمانا وأمتن بنيانا من حاضر متمزق وإيمان متضعضع وبنيان لا نريده متداعيا.
وها هي الثقافة تخوض بتصميم وعزم معركة التحديات لا سيما في ظل المتغيّرات العالمية على جميع الصعد وفي مجالات التطوّر الهائل في المعارف والعلوم والتكنولوجيا ووسائل الاتصال والمعلوماتية. من أجل هذا أجدني أدعو الى حوار يقوم بين المثقفين العرب في هذا الوقت بالذات خاصة واننا نلمس لدى كل الأطراف في الساحة العربية الاستعداد لمراجعة ذاتها. والحوار الذي أعنيه يبدأ في نطاق ضيق ثم تتسع دوائره بعد الاتفاق على نقاط رئيسية بين الأطراف، وعلى أن يتم هذا الحوار في مناخ سليم وعلى أرضية واضحة وبحريّة وموضوعية وتواصل الآخر مع الآخر من جهة ومع ثوابت الأمة ومقومات شخصيتها وتمايزها ومع قيمها من جهة أخرى. وكل ذلك يتم في إطار جبهة تحفظ هيبتهم وتفرض رأيهم وتشكّل لهم حضورا.

أخبار ذات صلة