بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 حزيران 2020 12:00ص حالة من الفوضى في لوحة الفنانة يونا جراندجين

من أعمالها من أعمالها
حجم الخط
تتقاطع الأشكال مع الخطوط في أعمال الفنانة «يونا جراندجين» (Yona Grandjean) لإبراز حالة من الفوضى تمثل الاضطراب والتحوّلات البصرية ضمن نقطة ثابتة تجمع من خلالها الفكرة المرتبطة بالانهيارات والتفكك، والسقوط بأسلوب تقاطعي يميل إلى النغمات اللونية الصاخبة، والانعكاسات بين الخطوط الشفافة أو الرقيقة جدا، وبين سماكة الألوان، وبرصانة تدفعها نحو أشكال الأحرف التي ترتكز أساسا على الخطوط، لكن تتخذ من الأحجام علامات مشبعة تتوازن في مجموعات من الكتل الفوضوية في ظاهرها إلا أنها تفكيكية في المطلق من حيث الفراغات التي تتركها مع تشابكات الخطوط، لنشعر أن مادة الحبر في الأشكال ثقيلة جداً، ويصعب جمعها بين الخطوط، في حين أنها تجسّد حالات الفوضى والانهيارات بين الأشكال كافة، مما يمنحها المعنى الحالي من الأحداث في العالم، بالرغم من أنها تضعها ضمن سلسلة بصرية ذات جمالية خاصة ينشأ عنها الكثير من التساؤلات المتذبذبة بين الترتيب والفوضى، خاصة بين الشكل والخط وبين اللون الأسود واللون الأحمر تحديداً محاولة منح القلق والصخب نوعا من التصوير الحروفي أحيانا أو الكتل الثقيلة، كأنها تجذب كل شيء من حولها الى القاع أو تحاول ترتيب الأشكال بين الخطوط وانعكاساتها أو التشابكات الدقيقة البعيدة عن تقاطع الأشكال المنجذبة لبعضها البعض أو العكس المتنافرة، مما يمنح لوحاتها حالة من الفوضى بينما هي تتوازن بصريا بين المتناقضات أي (رفيع عريض) أو (سميك شفاف) أو (ثقيل خفيف) وغيره وكأن سماكة الحبر هي الوزن البصري المتناقض في توزيع الأشكال أو الأحرى بعثرتها وتنظيمها.

توحي حركة الأشكال في أعمال الفنانة «يونا جراندجين» بالصمت أو بالضجيج، فتارة تتشابك الخطوط الدقيقة لتشكّل عدة أشكال ذات مساحات معينة، وفراغات تصقل الأحجام، وتارة أخرى تضج الأشكال الحبرية بغموض ناتج عن المعايير في سماكة الألوان، وبممارسات هندسية جمالية ذات قاعدة رياضية تتخذ من أشكال الحروف الأسس التجريدية الأخرى، بمعنى عندما تتجرّد من الحرف وتتخذ من الحجم عدة أشكال أخرى، لإبراز حالة الفوضى أو الكثافة بين الأشكال المتكاثرة وحركتها المثيرة للضجيج أو للشغب الحركي، لهذا تضع لها حدا بالخط غالبا، وبتقاطع بين عدة عوالم، وكأنها تختصر المراحل الجديدة في الحياة بالمراحل السابقة الأكثر ضعفا من القوة الحالية، وبمراحل فيها الكثير من التشبيه الفني ضمن الحجم والفراغ والترادفات البصرية الأخرى التي تنشأ عنها ضمن الكيان الأساسي للحجم الأسود أو غيره.

كل شيء في لوحات «يونا جراندجين» هو كل شيء بصري يميل الى التعبير الإبداعي بالحبر والخط ضمن مسألة الشكل وتمرّده أو فوضاه التي تنمّ عن قدرتها في تنظيم النقاط الثابتة التي تبدأ منها، فهي بذلك تضعنا أمام المظهر الخارجي في أشكال تمزجها بالخطوط، لنتشارك معها ضمن حالة وجودية مجازية هي دفاعية في حد ذاتها، لأنها تمد شبكات من الخطوط برؤية تكشف عن نماذج حالات الفوضى من حولنا، وكيفية ربطها ببعضها البعض، لتكون استثنائيا تفكيكية تنفرد بكل قطعة منها من حيث التوزيع والانحسار أو قبض الأشكال الايهامية، لتصبح مترادفة بين الموجود وغير الموجود أو البصري وغير المرئي، لتعطي معنى للمساحة أو للفراغ أو للحجم، لفهم الواقع المعاكس الذي تشحنه بالفوضى وعدم الاستقرار، وبالتالي ينشأ عنها خط الجمع أو الخط القادر على جمع كل شيء بواسطة الامساك بنقاط التوازن، والتي تعتبرها كالخيط الذي يمسك بحبات الخرز، بالتالي هي تجمع حالة الفوضى أو تسيطر عليها من خلال الخط.