بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 أيلول 2020 12:00ص حركة المكان والزمان في أعمال الفنان لوسيو فونتانا

من أعماله من أعماله
حجم الخط
تتميّز أعمال الفنان الأرجنتيني «Lucio Fontana» (لوسيو فونتانا) بالتجانس الفني الذي ندرك من خلاله قيمة الإمتياز الجمالي في الحركة المكانية ومفاهيم الزمان والمكان في الفن, إذ تتضمن أعماله الفنية وعيا حركيا للكثير من الجوانب المعينة للمادة التي يستخدمها، ولا سيما جمع المسارات الحسية بصرياً بعيداً عن التعقيد المحرّك للانعكاسات المخفية في أعماله أو الأحرى المستبطنة عبر مساحات مختلفة تجمع بين عدة فراغات، محتفظا لوسيو بعمق المادة، وفق مصطلحات المساحات المتضاربة، محاولا الإنقلاب على الكثير من النظريات الثابتة في الحركة الفضائية أو تقنية تصوّرات الكتلة في الفضاء، لإظهار عدة وجهات نظر يثبتها من خلال كل عمل فني تتقارب فيه الخطوط وتتلاشى، ان عبر مساحات منظمة أو عشوائية الثقوب لخلق التجانس، وتقريب القياسات والإهتمام بالفراغات وفقا لطبيعة واقع الخط أو الثقوب التي انشأها في أعماله الأخرى. لهذا تتماسك المساحات في أعماله، وتتحرر مفاهيم المكان من التمزقات الحركية بتداخل بطيء يعيد الى التصورات الفنية الكثير من المعايير البنائية التي تلعب فيها الأبعاد دورا كبيرا في خلق البُعد الرابع، لإضفاء قيمة العمق وبتوليفات متنوعة، قادرة على الانتقال بالتخيّلات من التسطيح الى العمق، وبالعكس لتكوين صوراً حسية متناقضة فيما بينها أو مظهرا المتناقضات بأسلوب حسي فني كالخفيف والثقيل والعريض والرفيع وغير ذلك.

ولد فونتانا عام 1899 في روازاريو بالأرجنتين وهو ابن نحات إيطالي المولد وكان يقضي معظم حياته في ميلانو. إستغل كل الإمكانيات التي يوفرها النحت (الطين والسيراميك والفسيفساء) والتعاون على نطاق واسع مع المهندسين المعماريين، وكان من أوائل الفنانين التجريديين الايطاليين في ثلاثينات القرن العشرين. خلال الحرب العالمية الثانية لجأ إلى الأرجنتين. بالعودة إلى ميلانو عام 1947، أصبح الشخصية القيادية للحركة المكانية، والتي حدّدها وشرحها على نطاق واسع في أعماله الفضاء الخفيف والحقيقي (على عكس الفضاء الإفتراضي)، هما العنصران الأساسيان لهذه الحركة التي تهدف إلى إنشاء نوع جديد من الفن . لهذا نلمس عدة نظريات مكانية بين مساراته الفنية التي تساهم سيميائيا في التحليل النظري والعملي وفق صياغات مختلفة على عدة منظورات أثبتها في كل عمل فني، بالتوازي مع التقنيات المكانية المبنية على أهمية المساحات في التشكيل والمستوحاة من الحدس الفني. فهل التجاوز في النغمات والأبعاد والقوام الشكلي هو لخلق تذبذبات بين الأمام والخلف؟ أم انه حاول الابتكار في الفن لخلق نوعا جديداً من النظريات المتجانسة مع الحركة المكانية؟

تتداخل الجزئيات الحركية مع بعضها البعض في الكثير من أعماله التي تحتاج الى دراسات مطوّلة لما لها أهمية في مفهوم التراجع والإسقاط أو مفهوم الإرتفاع والسقوط، وبتناقض مع المكان المؤثر على هذه المفاهيم التي حاول التعايش معها من خلال أعماله المتميّزة بالمنطق الفني بعيداً عن الجدليات، والتنظير غير الفعّال، ليبتعد عن الإرباك التخيّلي من خلال المنظور وفعاليته في إثبات نظرياته الحركية والملموسة مكانيا، مما يساعد في فهم قيمة الحركة المكانية في أعماله كافة ذات التعبيرات المتعددة عن الفضاء ذي البُعد المتعدد، لهذا يعتمد الإرتفاع في معادلاته الى قوة الحركة المرتبطة بتشابك المنظور وقدرته على خلق التصورات الفنية، والفضاءات المفتوحة على عدة معادلات هي هندسيا قائمة على الحركة المكانية وفق المادة وحيثياتها في خلق الشكل الحقيقي والمدرك في المساحة المؤثرة على التمزق أو الشقوق التي تؤكد قوة التناقضات في المفهوم المكاني والتجاوز المادي في الفضاءات الحركية من خلال الخطوط والدوائر والثقوب والتمزقات وغير ذلك.