بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 آب 2020 12:01ص حكايةٌ عن مرحلةٍ وأجيالٍ وليست أبداً حكايةً عن شخصٍ الرَّائدُ العصاميُّ الشَّيخ أحمد عَبَّاس الأزهريّ - 7 مع «جمعيَّة المقاصد الخيريَّة الإسلاميَّة» و«المدرسة السُّلطانيَّة» في بيروت

مبنى المكتب السُّلطاني، ويظهر منه الطَّابق الثاني مبنى المكتب السُّلطاني، ويظهر منه الطَّابق الثاني
حجم الخط
تأسَّست «مدرسة المقاصد الأولى للذُّكور»، في مدينة «بيروت»، خلال شهر أيلول (سبتمبر) من سنة 1879؛ وكان مقرُّها في «سوق البازركان»، شرق «جامع الأمير مُنذر»؛ وبلغ عدد تلامذتها 118 تلميذاً؛ وتولَّى تدريسهم ثلاثة معلمين فقط. (الفجر1: 31)؛ ثمَّ كان أن تأسَّست «مدرسة المقاصد الثَّانية للذُّكور»، خلال شهر كانون الأول (ديسمبر) من سنة 1879م.؛ واعتُمِدَ الطَّابق الثَّاني من «المكتب السُّلطاني»، في محلَّة «الباشورة»، وهو المبنى الحالي لما يعرف اليوم بـ «ثانويَّة المقاصد للبنات»، مقرَّاً لها؛ وبلغ عدد تلاميذها 200 تلميذ، وما لبث عددهم أن ارتفع إلى 230. ولعلَّ القَيِّمين على «جمعيَّة المقاصِد الخيريَّة الإسلاميَّة في بيروت»، ارتأوا أنَّ تزايد الإقبال على المدرسة، بات يتطلَّبُ منهم تأمين إدارة تعليميَّة وتربويَّة، ذاتُ خبرةٍ جَيِّدَةٍ ومعرفةٍ مُتَضَلِّعَةٍ في شؤون التَّعليم وتَبَحُّرٍ في مهام الإدارة وتطلُّعاتِ التَّربيَّة، سنة 1882، من الشَّيخ «أحمَد عبَّاس الأَزهري»، أن يتولَّى المهام الإداريَّةِ لهذه المدرسة تحديداً.
كان الشَّيخ، «أحمد عبَّاس الأزهري»، قد بلغ، في هذا الحين، الثَّامنة والعشرين من سِنِيِّ عُمْرِهِ؛ ولعلَّهُ وجدَ في ما يعرضُهُ عليهِ القيِّمون على «جمعيَّة المقاصد» مجالَ راحَةٍ له. يُحْتَمَلُ أنَّه قد راى أنَّ عمله سيكون غير بعيدٍ، هذه المرَّة، عن مكان سُكْناهُ في «بيروت»؛ ولعلَّه وجد في هذا الأمر راحةً ما، إذ لن يُضْطَرَّه إلى بذلِ ما كان يعانيهِ مِن مشاقِ الانتقالِ إلى «عْبَيه». ولربما تصوَّر، الشَّيخ «أحمد»، كذلك، إنَّ المنصبَ الذي يعرضُ عليه، من قِبَلِ «جمعيَّةِ المقاصِدِ»، منصبٌ إداريٍّ؛ وفي هذا ما قد يُتيحُ له، إلى حَدٍّ كبيرٍ، قدرة أكبر لتحقيقِ رؤىً مُعَيَّنَةٍ في التَّربية والتَّعليم، وطموحاتٍ أخرى ينوي العمل على إنجازِها.
انتقلَ الشَّيخ «أحمد عبَّاس الأزهري»، سنة 1882، مِن التَّدريس في المدرسة «الدَّاودِيَّة» في «عْبِيه»، إلى العملِ في إدارة «مدرسة المقاصد الثَّانية للذُّكور»، في بيروت، وهو في الثامنة والعشرين من العُمر؛ بيدَ أنَّه، وبعد أقل من سنة، أضيفت إليه مهمَّة تدريس اللُّغة العربيَّة والعلوم الدِّينية في «المدرسة الرُّشديَّة العسكريَّة»، في منطقة «حَوْضِ الولاية» في «بيروت»، والقريبة من مَقرِّ عمله في «مدرسة المقاصد الثانية للذُّكور». وواقع الحال، فإنَّ هذه المدرسة، أٌنْشِئت بهمَّة «راشد باشا»، والي سوريا، آنذاك، وبالتَّعاون مع المجلس البلدي لمدينة بيروت، في عهد رئيسه «أحمد أباظة»؛ غير أنَّ التَّدريس بدأ فيها صباح يوم الثُّلاثاء، الواقع فيه 2 تشرين الأوَّل من سنة 1877، في زمن رئاسة الحاج «محيي الدِّين بيهم»، للمجلس البلدي في بيروت؛ (البستاني: الجنان)؛ وقد لا يكون مِن المستبعدِ، ههنا، أن يكون الحاج «محيي الدِّن بيهم»، وهو مَن ساهم، قبل أربعِ سنواتٍ، في تخليصِ الشَّيخ «أحمد عبَّاس الأزهري» من «محنة بيع الخضار»؛ وبصفته رئيس المجلس البلدي لمدينة بيروت، والمُساهِم الأساس مع والي سوريا في بناء هذه المدرسة، قد شَاطَرَ إدارة المدرسة «الرُّشدية العسكريَّة»، الموافقة على تسمية الشَّيخ «الأزهري» مُدرِّساً للعربيَّة فيها سنة 1883.
لم تمَضِ سنتان، على تكليفِ الشَّيخِ «أحمَد عبَّاس الأَزْهَري»، مهامه الإداريَّة في «مدرسة المقاصد الثَّانية للذُّكور»، حتَّى كان، بهمَّة القيّمين، عهدذاك، وبموافقة والي بيروت العُثماني، «أحمد حمدي باشا» (1826-1885)، تحويل موقع «المكتب السُّلطاني» ومبناه، سنة 1833، إلى موقعٍ لـ «المدرسة السُّلطانيَّة». أشرفت «شُعبة المعارف»، بهمَّة نائب بيروت فضيلة القاضي الشَّيخ «عبد الله جمال الدِّين» وتوجيهاتهِ، على تأمين التَّجهيزات اللازمة؛ وكان حفل الافتتاح بحضور متصرِّف بيروت، «نصوحي بك»، وثلَّة من المسؤولين الرَّسميين والأعيان، وألقى خطبة الافتتاح «الشَّيخ أحمد عبَّاس الأَزْهَري». (ثمرات: نيسان)
عُيِّن الشِّبخ «حسين الجِسر» (1845-1909)، وكان عالمَ دينٍ جَليلٍ، وذا باعٍ في مجالاتِ التَّربيةِ والتَّعليم، مديرا للمدرسة؛ أمَّا الشِّيخ «أحمد عبَّاس الأزهري»، وكان، آنذاك، في الحادية والثَّلاثين من العمر، فقد جرى تعيينهُ ناظِراً عامَّاً، مهمَّته تأمين الإدارة التَّنفيذيَّة لهذه المدرسة.
وإلى اللِّقاء مع الحلقة الثَّامِنَة: «أزمةٌ جديدةٌ ودارُ نشرٍ وبثٌّ لروح دينيَّة ووطنيَّة».
--------------
* رئيس المركز الثقافي الإسلامي
أخبار ذات صلة