بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 كانون الأول 2019 12:02ص حول الإنتفاضة القائمة: الإعلام أولاً...

حجم الخط
في سياساتنا ما فيها من شرور وأطماع، والإعلام الصادق أوّل مَن حارب هذه الممارسات الخبيثة أو حتى الساترة وكشف إصرارها على الفساد والهدر والسير بالبلاد قُدُماً لغزوها واستغلال خيراتها وثرواتها.

الإعلام الصادق الذي انتهجُه منذ عام 1968، رسالة ووسيلة أساسية من وسائل الاتصال الجماهيري في عصرنا هذا، كثيرة الفروع، شديدة التعقيد مثلها في ذلك مثل المجتمع الذي يفترض فيها أن تمثّله وتعكس حقيقته وتؤرّخ له.

الثورة المنشودة يؤازر فيها الإعلام بالدرجة الأولى. والثورة شمس ما انفكّت تشعّ أضواء المعرفة على النّاس.

انطفاء هذه الشمس، لا قدَّر الله، يعني نهاية الحياة لأنه يعني تقلّص الحضارة ونهايتها، وتالياً ارتداد الإنسان إلى حياة الغاب.

الإعلام سلم الإنسانية الذي تصعد عليه في معارج التقدم، والجناح الذي ترتفع به إلى آفاق الفكر والفن والمعرفة.

حاجة انتفاضاتنا القائمة إلى الإعلام الصادق كحاجته إلى الماء والغذاء والهواء سواء بسواء.

الإعلام يخبرنا أولاً ولكنه يتّصل بالمصلحة الحيوية للمجتمع. شأنه أن ينتصر للحقيقة، وشأنه أن يزوّرها ويمسخ معالمها. قد يتوخى الصدق كما انه قد يتوخى الكذب. قد يُعين الشعوب على تكوين رأي صحيح في الحوادث، كما انه قد ينشر غلالة من التضليل أمام عيون النّاس، بحيث تتعذّر عليهم الرؤية الواضحة والحكم السليم.

الإعلام إذاً سلاح ذو حدّين. ولكنَّ ثورتنا البيضاء ساهم في نشوئها الإعلام الحق، وقيّدت نفسها كما في البلاد المتحضّرة بضوابط وقوانين أخلاقية لا تحيد عنها. فصل إعلامنا عموماً بين الخبر والتعليق. نشر الأخبار والحقائق بتجرّد صادق بعيداً عن الهوى والأغراض، بغض النظر عن ان هذه الأخبار والحقائق تتفق مع سياسته أو لا تتفق. في مقابل هذا الواجب الاجتماعي أعطى معظم الإعلام الحق في التعليق على الوجه الذي يشاؤه أفراد الشعب.

لا تنهض أمتنا وسائر الأمم إلّا بنهوض إعلامنا، ولا ينهض الإعلام كما نرى تباشيره اليوم عندنا إلّا إذا تعهّده الأقوياء المخلصون بالعطف والرعاية والتشجيع.

لا قائمة لدولتنا المنشودة ولا انتعاش، إلّا إذا دُعم حملة الأقلام وقادة الفكر.

الحقيقة وحدَها تحرّرنا، وهي ما يجسّدها إعلامنا الشريف العاقل، وهي ما يجعل ناسنا عظاماً يتجاوزون عقدة الازدواجيات المختلفة ولا سيما عقدة الأكثرية والأقلية. الإعلام والكلمة والصورة وما إليها عندنا بدأت تباشير مساهمتها في بناء معيّتنا الجذرية. خذوا منها النزاهة واطّراح الخوف وعبوديته، وإلى الأمام!..



أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه