بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تشرين الثاني 2018 12:06ص د. مسعود ضاهر في «المجتمع والدولة في تاريخ اليابان المعاصر» مواضيع قلت معالجتها في العالم العربي

حجم الخط
عندما نتكلّم عن تاريخ اليابان في العالم العربي، فإن مؤلفات الدكتور مسعود ضاهر تتصدر الدراسات التي عالجت هذه المواضيع بأبعادها السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، وبالطبع الثقافية، بأسس علمية وموضوعية مبنية على منهجية هجينة للمدارس التاريخية. وقد وضع الدكتور ضاهر العديد من المؤلفات التي عالجت تاريخ اليابان، أجددها كتابه «المجتمع والدولة في تاريخ اليابان المعاصر 1945 -2015». وتدلّ الحقبة التاريخية لهذا الكتاب على أنه يعالج كيفية بناء الشعب الياباني مجتمعه ودولته بعد الحرب العالمية الثانية، وكيف أعاد الى دولته مكانتها الدولية؛ حتى الحقبة المعاصرة. وقد استخدم الدكتور ضاهر في دراسته الجديدة مصادر ومراجع علمية عربية، وإنكليزية، وفرنسية، وأخرى مترجمة، إما عن الإنكليزية وإما عن اليابانية.
يأتي هذا الكتاب في مقدّمة منهجية وخمسة فصول وخاتمة. تطرح المقدّمة العديد من الاشكاليات النظرية حول علاقة المجتمع والدولة في تاريخ اليابان المعاصر، مثل إشكالية الأمّة/العائلة والعائلة/الدولة التي ترتبط بتقديس شخص الإمبراطور من قبل الشعب الياباني، حيث أضفت نوعًا من النظام الصارم الذي كان يستخدم لبناء إمبراطورية مركزية قوية؛ كما إشكالية استيراد التكنولوجيا من الخارج لتوظيفها في نهضة الدولة العلمية مع الحفاظ على ثقافة الشعب الياباني وقيمه ومعتقداته الدينية.
 تحدّث الدكتور ضاهر في الفصل الأوّل عن صعود الدولة الإمبريالية اليابانية وانهيارها بين الأعوام 1920 و1945؛ حيث بيّن الموروث الإيجابي لإصلاحات الامبراطور مايجي على الدولة اليابانية. فعالج مفهوم العقد الاجتماعي لدى اليابان، وعلاقة الإمبراطور مع شعبه. وبيّن تحوّل المجتمع الياباني الى العمل الصناعي، موضحًا مسألة عسكرة الدولة اليابانية من خلال غزوها لمنشوريا والصين. وكان وضع اليابان كدولة ومجتمع تحت الاحتلال الأميركي محور الفصل الثاني من الكتاب؛ حيث أشار الى سياسة الانتقام التي اتبعتها الولايات المتحدة الأميركية تجاه الشعب الياباني. ورأى أن صعود الشيوعية داخل الاتحاد السوفياتي، وانتشارها السريع عالميًا، جعل الولايات المتحدة توقف سياستها هذه خوفاً من انتقال الشيوعية الى الأراضي اليابانية. 
 وقد أضاء الفصل الثالث من الكتاب على التبدلات البنيوية في الدولة والمجتمع منذ العام 1952 حتى نهاية الحرب الباردة العام 1989»، وعلى مضمون الدستور الجديد الذي وضعته الولايات المتحدة الأميركية لليابانيين. وشرح كيف أصلحت الدولة اليابانية اقتصادها رغم تداعيات الأزمات السياسية والاقتصادية العالمية عليها. ومن ثمّ بيّن طبيعة المتغيرات السياسية داخل اليابان، وقدرة الدولة على تخطي مرحلة عدم الاستقرار السياسي والانتقال نحو عصر يتبنى سياسة معولمة، ولكن بثقافة يابانية. أمّا الفصل الرابع من الدراسة، فقد تناول إشكالية «الديني والسياسي في تاريخ اليابان المعاصر»، حيث عالج مسألة تبلور الأساطير الدينية اليابانية، وانعكاسها على طبيعة النظام الحاكم. وتحدث الدكتور ضاهر عن أهمية الدستور الياباني في صيانة حرّية جميع الأديان، ودور الأميركيين بنزع صفة الألوهية عن الإمبراطور الياباني. أما في الفصل الخامس والأخير «اليابان واشكالية التوازن بين الأصالة والمعاصرة»، فأضاء الدكتور ضاهر على التجانس الهائل بين مكونات المجتمع الياباني البشرية، وقدرته على استقدام ثقافات خارجية وإعادة توظيفها في قالب ياباني لجعل الدولة أكثر حداثة وتماسكًا. 
ومن الواضح أن هذا المؤلف الذي وضعه الدكتور ضاهر يغني المكتبة العربية بمواضيع قلّت معالجتها في العالم العربي. فهو يقدّم، بتحليلاته لتاريخ اليابان الحديث والمعاصر، وجهة نظر عربية حول تحوّل اليابان إلى إحدى أهمّ اقتصادات العالم، وبأنه من الضروري أن تكون تجربتها أمام المواطن العربي نموذجًا حيًّا لبناء المجتمعات والدول وتطوّرها، وكيفية ولوج طريق الحداثة والريادة في عالم الصناعة والاقتصاد والثقافة. 
 د. خليل عيتاني