ينسج الفنان الإيفواري «يوبا ساناغو» Yuba Sanogo من النقاط رؤية لتشابك لامتناهي وفق خطوط يضعها على خطى بصرية ذات تكوين دائري غير مستقل بذاته, إذ يمكننا فصل النقاط الأكثر تعقيداً من الخطوط في إشارة إلى تعقيدات الحياة، وقيودها التي تلتف كخيوط العنكبوت بعيداً عن جمالياتها، وبتطوير متشابه في النماذج الأخرى من أعماله، إلا أنه لا يفارق الانعكاسات لصيغ فنية مجازية متعددة التكافؤ الهندسي، وفق استعارات فنية يعتمدها للتضليل البصري أو لخلق تأثيرات بسيطة بعيداً عن الإبتذال الجمالي، وبأسلوب الخيط العنكبوتي الذي يجعلنا ننسج تخيّلات لكل منها قيودها الخاصة بعيداً عن التشابك اللامتناهي في لوحة تتشابه مع فكرة الفنان «توماس ساراسينو» والخيوط العنكبوتية، والشغف التفاعلي مع القيمة الجمالية لخيوط العنكبوت ولتقنية الأسلوب في النسج الفني والتكوينات الصلبة عند مد الخطوط أو الأحرى الكيميائية في صنع المسافات المتعادلة مع الرؤية الفنية واختزالاتها. فهل من نظرة هندسية في لوحة تشعبت فيها النقاط وازدانت بالرؤى الالتفافية حول الذات لخلق حماية داخلية للوقاية من تعقيدات الحياة؟ أم أن الدائرية أو النقاط أو الخطوط الأخرى هي للإيحاء بالتوازن الفني والتوازن الحياتي المرسوم بدقة أو على الارتباط الإنساني؟
أخذتني لوحة «يوبا ساناغو» الفنان الإيفواري المعاصر المولود في أبيدجان إلى حيث انتهى الفنان الأرجنتيني «توماس سارسينو» من فكرة خيوط العنكبوت في الفن والاهتزازات الصامتة التي تتولد منها الكثير من الانعكاسات الحسية التي ترصد الامتدادات عبر الخطوط التي تمثل التموجات المتكيّفة مع نغمات الخطوط التي تمثل المسارات، وتعيدنا إلى النقاط الأساسية، وصلابتها في تحديد البدايات والنهايات التي يعتمد عليها «يوبا ساناغو» في رسوماته الأخرى. إلا أنه في هذه اللوحة تحديداً استخلص من النظريات العنكبوتية معادلات فنية وضعها قيد التجارب ضمن الدائرية والالتفاف، وحماية الذات أو الخوف من الإنطلاق بعيداً عن الموطن الأساسي. فهل يمكن تفسير إيحاءات هندسية اللوحة بالخيوط العنكبوتية وقوتها والانعكاسات الجمالية المرافقة لها؟
تؤكد النقاط في أعمال الفنان «يوبا ساناغو» على قيمة الموطن الأصلي للإنسان، وإن بدت التفسيرات مجازية، إلا أنه يهتم للنقاط في أعماله لخلق العمق البصري لمسطحات ضوئية ذات متغيّرات تضعنا وجها لوجه أمام تغيّرات الحياة، وتحوّلات كل شيء فيها، ومن منطق الفكر التخاطبي في لوحات أخرى شدّد فيها على إبراز التواصل الفكري فنيا عبر البصر، وبجمالية النقطة وارتدادها عبر فضاءات مفتوحة على الكثير من التساؤلات العنكبوتية الالتفافية، وبشكل رمزي لتلك الارتدادات البصرية أو الحسية التي تفتح الأبواب التضامنية بين الأفراد كافة مع الاحتفاظ بخصوصية الإنسان في التفرّد الحياتي، ومنحه قوة دفاعية ترمز الى الشبكة العنكبوتية التي تتيح فرصة التعارف المفتوح، وإن ضمن القوة والضعف والهشاشة والتماسك، وبتشابك لا متناهي دائما هو مصدر لوجود يحصّنه هندسيا عبر الفكرة العنكبوتية، والتكوين الفني التضامني مع حيثيات الانعكاسات لخطوط يمنحها لولبية أحيانا أو دائرية تبعدنا عن الخطوط الأساسية التي ينسجها بمتانة في مساحات تتباين فيها الأبعاد. فهل من تشابه بين فكرة «توماس سارسينو» و«يوبا ساناغو»؟
الإنسان ومجموع النقاط التي يتشكّل منها، وغبار الكون وأسس كل شيء، وأهمية النقطة للبداية والنهاية والتشكّلات الأخرى، الصغيرة والكبيرة والتي هي مجموع كل شيء أو مجموع خلق الكائنات والتفكر الحسي بالأشياء وتكويناتها، وضمن العنكبوتية وما تضفيه شبكات التواصل على الإنسان في رسومات تحمل فلسفة إنسانية ذات جمالية خاصة مصدرها الإنسان وقدراته في الاستمرارية رغم الصعوبات التي يتعرّض لها في الحياة. فهل تحمل رسوماته رؤية عنكبوتية مغايرة؟