بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تشرين الثاني 2017 12:05ص «رامي خليفة» قدّم رائعته «حكايات للبيانو والأوركسترا 2» بحضور «مرسيل»

مشاركة 85 عازفاً من الأوركسترا الفيلهارمونية بقيادة «لبنان بعلبكي»

حجم الخط
فرخ البط عوّام. «رامي» إبن الفنان الكبير مرسيل خليفة، حالة موسيقية خاصة جداً عزفاً مختلفاً، وتأليفاً لا يشبه أحداً ممن نواكب نتاجاتهم على ساحتنا العربية. كنا أحببناه صاحب أصابع ذهبية على البيانو في العديد من الحفلات والمهرجانات، وتكلمنا عن أسلوب فريد يعتمده في التعاطي مع البيانو، فهو لا يكاد يجلس على الكرسي الخاص بالآلة، حتى يتحفزعلى طريقة القرفصاء لكي يطال معظم المفاتيح من أصولها أو جذورها في خلفية الآلة، بحيث يسيطر على البث العزفي بالكامل تماماً كما رغبته في القبض على كل الإنبعاثات من النوتات واحدة تلو الأخرى. 
لا شك أنه فنان مسكون بالموسيقى وأصدائها، كل ما فيه يعزف، اليدان والكتفان، رأسه أطرافه، وكل ما يظهر منه في حالة إهتزاز، تقوى غالباً ثم تخفض وتيرتها وفق الدفق الشعوري عند العازف الشاب الذي يحلو لوالده «مرسيل» المبدع نغماً وغناء أن يتذكره طفلاً في عمشيت، فيقول في ديوانية مؤثرة ترصد عبقرية ونباهة «رامي»: «من أين جاء هذا الطفل الذي كان يلعب على دراجته بهذه الذاكرة ليكتب حكاياته الأولى والثانية على البيانو برفقة الأوركسترا».
ليل الجمعة في العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، كان الموعد في كنيسة القديس يوسف للآباء اليسوعيين، آلته البيانوعند مقدمة المسرح، يعلوها المنصة المخصصة للمايسترو «لبنان بعلبكي»، وحشد كثيف من العازفين اللبنانيين والأجانب في الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية اللبنانية، قدّرهم المايسترو «بعلبكي» بـ85 عازفاً، بينما الصالة على إتساعها ضاقت بمئات الحضور من سياسيين ودبلوماسيين وشخصيات روحية وأدبية وإعلامية، وجمهور متذوق ومعتاد على برمجة الكونسرفاتوار لحفلات على مستوى رفيع ومع فنانين من الطراز الأول.
ونجد أنفسنا مأخوذين بما كتبه «مرسيل» وكأنه سيطر على عقولنا فيما ناجى به موسيقى «رامي»: «يا رامي إن جميع حواسي تنسكب لتلامس هذه الموسيقى الرابضة بين أصابعك، مثل عصا لبنان التي تنوء بثقل نوتاتها والتي تهطل مثل المطر، وأنحني في تحية مرفوعة لك».ويضيف: «يا لروعة النداء الذي يهتف به وترك» وهذه حقيقة ولولاها لما إستعنا على قراءة إبداع الإبن بقلم وإحساس الوالد»جميل هو إيقاع لحنك المزيّن بالفرح، كأنه طائر سماوي وقد بسط جناحيه وأخذ يحلق ببراعة في أضواء الغروب الوردية، إنه يخفق كنبض الحياة، إنه يلمع مثل اللهب الصافي الذي يلتهم بسعيره المتقد أحاسيسنا الأرضية».
الواقع أننا عشنا المادة الموسيقية الإبداعية التي عزفتها الأوركسترا بتناغم مثالي مع عصا المايسترو الشاب «لبنان بعلبكي» الذي ضبط الإيقاع على أفضل مستوى، فبدت أنغام «رامي» في أحضان العازفين المحترفين الذين أعطوعا روح حياة ورسوخ خاصة، وهو ما جعل الحاضرين على مدى الوقت متحفزين منصتين، ويتابعون تبادل الأدوار بين «رامي»و لبنان» بما خدم اللمعان في المادة المسموعة بتناسق وإنسجام تامين، بنظرة من طرف عينه اليسرى كان المايسترو يتأكد من جهوزية «رامي» الذي يصبح شخصاً آخر وقت العزف، لا يشبه أبداً الشاب الذي نعرفه.
هذا الذي «ذهب ليكبر بعيداً بلا وطن، وأمضى عشر سنوات في باريس بمعهدها، ثم في السادسة عشر ذهب لمتابعة دروسه الموسيقية في أكاديمية»جوليارد سكول» بمدينة نيويورك».. هذا الشاب المتفجر موهبة وحباً للموسيقى تشرّبها من يوميات البيت مع سيد البيت «مرسيل» وإذا كل الأمور على خط واحد، شاب كل ما يظهر عليه موسيقى،خصوصاً وأنه عندما ألّف مقطوعات موسيقية بدت شخصيته أوضح وخطه أقدر على التقدم إلى الأمام مع مادة عشقه وحياته.