خبر مؤلم حملته وسائل التواصل الاجتماعي إلى كل معارف ومحبي الزميلة الأديبة المتواضعة والمثقفة سحر طه التي كانت على الدوام مثالاً للصحافية المحترفة التي تعرف الكثير لكنها تقول الممكن والمطلوب. عاشت بيننا نموذجا ً حراً، وأختاً عزيزة لمعظمنا، وشكّلت إطلالتها دائماً فعل خير وطمأنينة وتوازن في الرأي.
كنا نلتقيها دائماً في المناسبات الفنية، في المؤتمرات الصحفية، وكلما سألنا عن وضعها الصحي كانت تجيب « العلم عند الله ونحنا خاضعين وراضيين بمشيئتو»، لكن «سحر» مرّت بفترة ثبات صحية بدت خلالها في أفضل حالاتها ولم يكن ينقص إلاّ أن تُعلن التخلص من المرض الخبيث، بعد هزيمته، لكن ما ظهر شيء والحقيقة أمر آخر، فقد تدهورت صحتها فجأة وكان ضرورياً مراجعة الأطباء الأميركيين في ميشيغان الذين أشرفوا على علاجها طوال فترة سابقة من إقامتها لعدة أسابيع في الولاية المعروفة بكثافة سكانها من اللبنانيين والعرب.
«سحر» إنشغلت طوال العشرين عاماً الأخيرة بالغناء، أي بعد سنوات قليلة على إنجاب ولديْها الشابين الجامعيين، اللذين عاوناها كثيراً في مراحل عديدة وصعبة لمواجهة المرض، فيما العبء الأكبر كان على الزوج الزميل الإعلامي «سعيد» الذي ظل إلى جانبها موزّعاً وقته بين عمله وبينها، فكانت صبورة جداً، وشجاعة جداً في مواجهة المرض، وكانت تردد «كيف سأترك 3 أضلاع مني وأغادر، عندي 3 رجال معي في قلبي وبيتي وحياتي، كيف يعقل أنني أتركهم وأنا أحبهم أكثر من نفسي».
الزميلة «سحر»، كان لها الوفاء نفسه لبلدها الأول العراق، فيما أحبت لبنان لأنه منحها زوجاً أحبها وتحمّل معها كل الصعاب التي واجهتها، وشابين في مثل جمالها من الوسامة والخلق الطيب.
ومما سجّلته في حياتها باقة منوعة من البغداديات (وضعت كتاباً بعنوان «مقامات بغدادية من يوميات الإحتلال الأميركي للعراق») (يا طير الرايح لبلادي، حلوة يالبغدادية، ودّعت بغداد، إلهي –لناظم الغزالي) والأغاني العاطفية من التراث العراقي (يا أم العيون السود، يا أسمر اللون، مرّينا بيكم حمد، قوللي يا حلو، فوق النخل، لا خبر، عمّي يا بياع الورد، حوّل يا غنّام، الميمار، شلونك، لو للغرام محاكم، يللي نسيتونا، يا أم العباية، طالعة من بيت أبوها، هللوا ونحنا تهل، مالي شغل بالسوق، شكراً محبوبي، الحبيبة أغاتا)، كما أنها تحمل شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة الحضارة الإسلامية المفتوحة في بغداد، وصدر في ولاية ميشيغان طابع بريدي محلي يحمل صورتها.
كل التعازي لأسرة الراحلة الصيقة وتحديداً للزوج الزميل سعيد طه، ولكل معارف ومحبي الراحلة سحر طه.. رحمها الله.