بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 كانون الثاني 2020 12:03ص ركود وأزمة وجمود في الفن التشكيلي اللبناني المرهق عام 2019

نيفين بويز نيفين بويز
حجم الخط
تبرز جوهريا أزمة حركة الفن التشكيلي عام 2019 في عدم القدرة على التحديث في العرض والتحديث في إنتاج اللوحة القادرة على قلب المقاييس الابداعية، إذ حافظت على صورتها السابقة في السنوات التي مضت، كما أنها اتخذت صفة توثيقية أثناء الثورة التي شهدها لبنان هذا العام، وشهد معها اللوحة التي أرشفت حركة الشارع ولم تتعارض معه أو الأحرى لم تكن ابتكارية تهز السوق الفني، لتكون ضمن مزايدات قوية تمنحها نوعا من النظرة الاقتصادية، وبالتالي تعاني الحركة الفنية التشكيلية اللبنانية من ركود وأزمة أفقدته اللوحة التي تكسر الروتين خاصة بعد فقدان السوق التشكيلي اللوحة السورية التي سيطرت نوعا ما في السنوات السابقة وأقصد ما قبل 2018 و2019، فأزمة اللوحة من أزمة الفنان الذي انجرف مع الجمود التقني التحديثي وأيضا الذي يفتقد للتسويق الفني، وبالتالي عدم قدرته على التجديد وان ظهر الفن المعاصر بشكل خجول جداً لينفي افتقاره لبنانيا، ويتنوّع في بعض المعارض مع الفنان الغربي، وتماشيا مع الروتين الفني وإدراكه للركود وتأثيراته ويرجع هذا السبب الى عدم قدرة الفنان على التمويل الذاتي برغم التطوّرات البطيئة التي ارتبطت ببعض الأسماء الفنية العراقية التي شهدنا لها بعض المعارض التي نجحت في لفت الأنظار إليها، ولكن لا يمكن الخروج من أزمة ركود الفن التشكيلي اللبناني ما لم تتحرك عجلة التنشيط والتفاعل مع الانتاج الفني في ظل التكنولوجيا الحديثة، وكل ما يتبادر الى الذهن فيما يتعلق بالابداع الفني في كافة مجالاته وصولا الى الابداع في التسويق أيضا. فهل ستتطوّر الأزمة الفنية في لبنان خلال الأعوام القادمة أو سنشهد القدرة على الخروج فيما يسمّى بأزمة فن ما بعد الحداثة؟


عزة أبو ربيعة


حافظت المعارض الفنية التشكيلية عام 2019 على منهجها السابق وبجمود لم يتخلله أي انتفاضة فنية تقلب المقاييس وتحقق قدرة شرائية كبيرة أو قدرة لفت نظر عالمي، ولم نشهد أي تغيّرات في العرض من حيث الأسلوب أو التحديث في المعارض التي باتت تحتاج الى الدعم المالي والقدرة على تغيير الحجم والمساحة والشكل وما الى ذلك، والى السوق الالكترونية القادرة على توظيف اللوحة في مزادات قوية تمنح الحركة الفنية وجودا كبيرا على الخارطة العالمية، وبالتالي على تحقيق انتفاضة أو قفزة معاصرة يحقق من خلالها الفن التشكيلي إنطلاقة قوية في قرن فني جديد بدأ في العالم.


مصطفى فروخ


يقول الفنان فضل زيادة عن ذلك: الحركة الفنية اللبنانية عام 2019 وما قبلها غابت عنها حركة التجديد، ووقعت في الفراغ رغم ضخامة معرض «Art Fair» إلا ان الحركة لم تكن كما السنوات السابقة، الحركة الفنية اللبنانية تعاني من أزمة وحاليا البعض يقوم ببحث عن مقدار فروقات الانتقال الفني من قرن الى قرن آخر، كما ان تأثيرات المحيط العربي ينتج لوحة توثيقية أكثر مما هي لوحة فنية، لان الفنان يتأثر بالمشهد الثوري القائم على أرض الواقع وأيضا الكثير من الشباب ينتمي الى ما بعد الحداثة والتركيز على التجهيز الذي لم يتعمّقوا فيه، الاستسهال بالحركة الفنية هي إشكالية كبرى نعاني منها كما الاستسهال بالشعر أو بالقصة والأدب.


كريستوفر بعقليني


أما الفنان ميشال روحانا فيقول: الفن التشكيلي اللبناني خلال سنة 2019 كان إيجابيا، إذ ما من تأخير من الناحية الفنية، ولكن ما من تطوّر وتحديث لأنه من الناحية المادية السوق التشكيلي تراجع جداً، أما صمود الفنانين بقي قويا وخلال الثورة ظهرت حركة قوية فنيا، قمنا بها في البلد كجمعية مع أكثر من ثمانين فنانا، فالفنان لا يتوقف عن انتاجه الفن، ويعيش مع كل الأجواء التي استطعنا تحويلها الى أجواء فنية شعوريا وعاطفيا مسّت الوجدان العام.

يقول رئيس غاليري أجيال «صالح بركات»: على مستوى الإبداع كانت سنة ٢٠١٩ عظيمة للفنانين اللبنانيين، إذ أتاحت لهم التعبير عن هواجسهم بحرية كاملة خارج ضغوطات السوق والمبيعات. فنتيجة للأزمة الاقتصادية المستفحلة منذ سنوات، أصبح واضحا ان عملية البيع لا يرجى منها الكثير. طبعا لذلك نتائج سلبية على مستوى المعيشة كما معظم اللبنانيين، إنما من الناحية الإيجابية، فهذا الظرف الصعب أعطى للفنان الحرية المطلقة في إنجاز الأفكار التي يريد من دون أن يتردد إذا كانت قابلة للبيع وغير قابلة للبيع، فالبيع أصبح في كل الأحوال صعبا. إنما بالمقابل، أصبح الإبداع أكثر حرية. ننهي سنة ٢٠١٩ بتجهيز إنشائي للفنان عبد الرحمن قطناني اعتبره من أهم ما تم عرضه في لبنان في السنوات الأخيرة، غاليري أجيال وغاليري صالح بركات تعرض لفنانين يتخذون من لبنان مقرا لهم، ويعالجون عبر فنهم قضايا مجتمعهم.

أما رئيس الرابطة الثقافية رامز فري فيقول: ان الحركة الفنية التشكيلية في طرابلس كانت جيدة بالنسبة للسنوات السابقة إلا ان هذه السنة لم تنتج المزيد من الإبداع الفني الجديد أو من الوجوه الثائرة على الكلاسيكي برغم بعض الوجوه الشبابية التي أتحفتنا بالتوثيق الفني التشكيلي خاصة بعد أزمة الثورة، وما نتج عنها من حركة فنية في الساحات. ونأمل أن تحمل السنة القادمة التحديث والتجدد في الفن، ونحن في الرابطة الثقافية ندعم الفن التشكيلي بقوة ونشجع على إقامة المزيد من المعارض المتجددة والقادرة على ابراز وجه طرابلس الحضاري في الفن والجمال.

ويقول الفنان والمهندس عمران ياسين: الفن التشكيلي في طرابلس هذا العام ظهر في أكثر من محطة وتفاعل مع جمهوره بأعمال مميّزة شكّل سمبوزيوم طرابلس الثامن العنوان الأبرز فيها حيث شارك بفعاليات ما يزيد عن المائة وعشرين من الفنانين من مختلف المناطق، وبمشاركة نخبة من الفنانين العرب بلوحة تفاعلية مشتركة أحتضنتها المدينة، وكان لنا السبق في اطلاقها مع بلدية طرابلس ومركز الأنعام الثقافي. إضافة إلى العديد من ألأنشطة الموزعة في المراكز الثقافية للمدينة (الرابطة الثقافية، بيت الفن، مركز الصفدي، وغرفة التجارة) النشاط التفاعلي الثاني: تمثل وأستمر منذ الأيام الأولى للثورة مشروع اللوحة الكبرى المشتركة بين فناني المدينة إضافة إلى إنشاء سمبوزيوم الثورة، وتكرر لستة مرات في ساحة النور حيث كان لعشرات الفنانين مشاركات ولمسات فنية عدة من اللوحات المتنوّعة بمواضيع وطنية إلى الرسم على الوجوه والأيدي، كلها بصمات معبّرة لفنانينا وكان للبراعم الشابة أكثر من مشاركة وأنجاز، وسط الفساد والتمزق يبقى الفن هو الأكثر شفافية. ونشاطنا في هذا المجال تعبير عن ملامستنا حاجات وأحاسيس الناس.