بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 أيلول 2018 12:00ص رواية «وحي» للروائي حبيب عبد الرب سروري

والفعل العقلي لتحليل كل ما يدور من حولنا فلسفياً

حجم الخط
        
دخل الروائي اليمني «عبدالحبيب الرب السروري» في روايته» وحي «الصادرة عن»  دار الساقي « سياق العقل من خلال الخيال او الوحي المعرفي، والنطق الفعلي لتاريخ محشو بالتكرارات، وان ضمن العصر الحديث في رواية فلسفية تحليلية، تؤسس لرؤية الاحداث في المنطقة بكاملها من تاريخ هو ماض وحاضر ومستقبل.  تحكمها «وحي» او الفعل العقلي لتحليل كل ما يدور من حولنا بأسلوب يحيل القارىء الى الشك واليقين،  والى اعادة تشكيل الاحداث التي بدأت برسالة غامضة هي خطاب خيالي ادراكي الدلالات،  وبخصوصية نفسية تتصل بالحقائق الحياتية التي عشناها في الطفولة ومؤثراتها على سلوكياتنا اليومية، بمجاز فلسفي يطرح ويعالج ويضع الحلول في زوايا روائية مخفية الاتجاهات، كأنه يسعى الى تحفيز القارىء وتنشيطه ذهنيا من خلال المعلومات الفلسفية التي زرعها هنا وهناك في رسائل «وحي» والرد عليها دون ان ينسى ميل الرجل الى المغامرة العاطفية، والشغب البشري حتى في العلاقة التي يستأنف من خلالها الخيال الروائي.  دون ان ينصت الى زوجته ونصائحها بحثا عن رواية يكتبها ما هي الا الانسان الغارق في متاهات الحياة والدين والايمان، واليمن والمنطقة العربية، وما جرى ويجري فيها تحت مسميات ايديولوجية مختلفة والبوابة الرئيسية هي عالم الانترنت وعالمه الواسع الضيق وسلوكنا الغرائبي فيه من شبكات التواصل الى البريد والاندفاع نحو كل ما هو غامض.  لما يثيره فينا من فضول وتحفيز للاكتشاف.  فهل وحي هي التفسير الخاطىء للوحي الانساني ولمعتقداته الفاقدة لهوية البعد عن المعرفة والخوض فيها لابعد الحدود؟. 
سعى الروائي «حبيب عبدالرب سروري» الى التوليف بين لغة الانترنت اليوم والمعرفة الناشئة عن الكثير من الكتب والمواضيع التي اصبحت بمتناول الانسان من خلال شاشة صغيرة وبريد الكتروني في موقف ازدواجي  هدف الى تصحيح الهوية الايمانية. وانعكاساتها على الانسان اليوم والوعي الذاتي للتفريق بين المصطلحات، كالالحاد والكفر والايمان والتدين، والنهج الفلسفي الخاضع لتنظيرات بروفيسور هو كاتب روائي حتى في رواية «وحي» التي ما غادرتها وحي ولا غادرها الاحتكاك التنويري الذي يترجم تجربة هي بحد ذاتها رواية استجوب الروائي فيها نفسه من خلال رسائل وحي الغامضة،  التي اثارت فيه البحث عن تاء التأنيث رغم المخاطرة او المغامرة بدافع الميل الاخلاقي والفلسفي، وبتسامٍ يعيدنا فيه من خلال حادثة الطائرة،  ومن خلال الخوف من المعنى الديني الذي تشكلت البشرية من خلاله وبطرق مختلفة «تضاعفت تضرعاتي الصامتة، وتعاظم خوفي، ووعدت رب السموات والارض الف وعد بالتوبة» دون وهن في العودة الى الحضارات الفكرية والمعرفية لاحصائها واظهار عظمتها «حضارة اعطت للعالم: بين الحكمة ببغداد، الف ليلة وليلة، رسالة الغفران، اللزوميات، كتاب الجبر والمقابلة، رباعيات الخيام...» وضمن مرآوية ما يحدث في هذا الزمن وانعكاساته دون افتراضات، وانما بجذب القارىء نحو المقصد الحقيقي للاديان او للايمان، بما فيه خير الانسانية وليس تدميرها، وبالنوايا الشبيهة بنية غسان في معرفة وحي. رغم انه يدرك ان هذا قد يجعله يخسر زوجته التي لا يطيق فراقها. فهل ولع الانسان بالمعرفة هو فقط بمعرفة الاخر ام يجب ان يكون كالوحي بشراراته العقلية والذهنية وما الى ذلك؟ 
السلوك الاخلاقي هو الوحي الايماني في رواية وحي التي يتصرف فيها غسان كرجل حساس اخلاقيا، يزخر بتعاليم دينية منذ صغره وهو في تجواله داخل جامع العيدروس كالمصور على مسرح يرى عظمته لاول مرة، وما بين الارادة والادراك تجاوز الروائي المعقول وغير المعقول باحثا عن ضمير المؤمن او الحالم برؤية الذبح  التي جعلت من الذكريات المقتل الحقيقي لذاك الرجل الذي ذبح ابنه عند باب الجامع. وبتصرف بحث فيه عن الحقيقة الاخلاقية للانسان التي سمحت له ممارسة هذا السلوك الخالي من الاخلاقية الانسانية تماماً. فقانون الفكر الانساني ينبع من عمق الايمان لاعطاء العقيدة بعداً يهدف الى تحقيق المغزى المعرفي للانسانية بأكملها. فهل وحي هي  النموذج الفلسفي لاخلاقيات المؤمن الذي ينفي كل ما من شأنه ان يتعالى على الاديان او يجعل منها الطريق المستقيم غير المتطور او الذي يعيدنا الى العصور الحجرية في زمن شبكات الانترنت والعصر الحديث واعادة  النظر بمن هو الحاكم والمحكوم والقاتل والمقتول والجلاد الذي يفتقد للفضيلة والسعادة. 



dohamol@hotmail.com