على نسق ما جاء في بعض شعر المعري «في اللاذقية ضجة».
في البلد اليوم عندنا ضجة و«عجقة»...
ما بين افتتاح معرض تشكيلي وآخر هناك افتتاح لمعرض تشكيل.
وكذلك في حركة المسرح التي تمور بأعداد من المسرحيات تفوق عدد الخشبات المتوفرة...
أما التكريمات فحدث ولا حرج
وبخصوص الجوائز... حدث ومع حرج.
محاضرات.. ندوات... مناقشات... اصدارات... «الخ»...
ومن خلال هذا كلّه يتعالى الغبار الثقافي مشكلاً غمامة تغطي المدينة بكاملها...
خارجها زهري اللون
وداخلها رمادي غامق..
فهل هذه الحركة المائجة هي ظاهرة صحية؟!..
أم انها في معظمها غائية تعبر المسالك الثقافية وصولاً إلى امكنة أخرى، قد تكون أحياناً ليست على علاقة بالثقافة وأهلها..
الخطر في هذه الظاهرة «العجقة» انها تفتح المجال امام الكثيرين من المتسلقين لدخول مجال ليس مجالهم، وبالاصح ليسوا مجهزين لدخوله.
فتطالعنا أسماء لعارضين لم نسمع بهم قبلاً وقد لا نسمع «بعداً» وفي نظرة شاملة إلى الإنتاج التشكيلي نجد ثمة قواسم مشتركة توحي أحياناً وكأن الريشة التي لونت واحدة.
والأمر ذاته بالنسبة إلى الاصدارات.
وبالتحديد اصدارات الشعر، حيث الاكداس من صف الكلام الخالي من أية مضامين أو صور... «باستثناء النادر».
وما يزعج انه بعد خروج هذه الاصدارات إلى النور نشاهد صور حفلات التوقيع عليها، بحضور علية القوم ووجهاء الحفلات وكأن النتاج الموقع عليه هو عين عيون الأدب.
مع العلم انه لن تلامسه يد بعد استلامه خلال حفل التوقيع ومن الممكن ان لا تكون اقامته فوق رف أيضاً.
وكأن المهم هو الصورة... أو رفع العتب..
الدافع إلى هذا الكلام المبني على بعض الحنق وبعض القسوة ان المقاييس تختل في مناخ كهذا، ويجرف السيل الجيد مع السيء إلى قناة نسيان واحدة..
ولعلها حالة من أخطر الحالات التي يُمكن ان يتعرّض لها ابداع ما.
فأهمية الإبداع ان يبلغ مداه لا ان يبتر.
ومداه هنا هو إمكانية فرز الغث من السمين وتلك هي مهمة الناقد.
ولا الوم جماعة النقد، فهذا الغيث المنهمر فوق رؤوسهم لا يسمح لهم بأخذ النفس لمعاينة مع يجري.
ولكن المهم في كل هذا ان لا نصدق أن ما يجري هو عافية ثقافية..
بل انه العكس تماماً وإذا حاولنا الغوص لمعرفة الأسباب لن نعثر الا على الواقع السياسي المرخي بثقله على كافة النواحي الاجتماعية والثقافية.
بمعنى ان ما يجري يفقد الثقافة دورها كموجه أو على الأقل كمقترح، وبانتظار مستجدات قد تحدث وقد لا علينا تلقي الواقع ومحاولة التأقلم معه مع التركيز على عدم الاعتراف بأنه عافية ثقافية.