بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 آذار 2018 12:02ص «طرة نقشة» لـ كميل سلامة على خشبة «دوار الشمس» حتى 8 نيسان

مسرحية معتقة بما يزيد على 30 عاماً تصلح لكل زمان ومكان..

حجم الخط
كميل سلامة يضرب من جديد.
ورغم أن عمله الذي يقدمه سبق وعرضه قبل أكثر من 30 عاماً فإن النتيجة لصالحه مئة في المئة، وكم من أعمال قديمة ناجحة لم تجد مكاناً لها في خريطة هذه الأيام لإعتبارات عدّة، أولها أن ظروف الأمس غير ما نعيشه اليوم، وبالتالي لا مجال للإنسجام والتوفيق، أما «طرة نقشة» للكاتب والمخرج والممثل كميل سلامة فقد أثبتت انها عابرة للزمن، منسجمة مع تطورات وكأنها انجزت لأكثر من عصر.
مسرح دوار الشمس استقبل العرض، والذي يستمر حتى الثامن من نيسان/ابريل المقبل ومع فريق شبابي يتصدره نجل كميل الفنان كارل سلامة في دوري مقدّم الحفل والمعلم، وكان جزءاً من صورة والده واسلوب كلامه، مع ديناميكية في الحركة والأداء الصوتي، ومعه 7 ممثلين من الجنسين روي حسامي (المذيعة، والبنت) طوني فرح (المذيع، الأب) إيلي نجيم (آدم، والصبي) سارا عبدو (حوّا، وأم البنت) أدون خوري (الملاك، الخال، وصاحب البيت) غنىمنذر (العمة2، أم الصبي) عبير الصياح (العمة1، والمديرة). هذا الفريق أثرى المسرحية ومقاطعها بحيوية لافتة، وذكاء في التعامل مع تداخل المشاهد والأدوار، مع حوارات قصيرة معبّرة أفادت كثيراً في جعل الانتباه مركزاً على الحيثيات الخاصة بتطور الأحداث بين فصل وآخر ضمن الفصل الواحد الذي تمثله المسرحية.
إلى حدّ بعيد استطاعت «طرة ونقشة» أن تصب في خانة الإمتاع والتواصل في آن، مع أن التفرع فيها أخافنا عليها من التوهان، لكن عامل التركيز كان رائعاً والفريق العامل أهل للتعاطي مع هذا النوع من المسرحيات، المضغوطة المشاهد والحوارات، والديكورات التي تحاكي أكثر من معنى، مع جورج الأسمر، وتميزت حركة الممثلين داخلها بحيوية غريبة تستوقف لأنها جزء من آلية تدمج الصوت في إطار واحد منسجم متصاعد الوتيرة.
بنت أو صبي.
هكذا هي الحياة، معهما، البنت للصبي والصبي للبنت، لكن في البداية لا بدّ من الحسم. «طرة أو نقشة»، وبينهما المجال فسيح للاستطراد والعثور على متنفس لفهم هذه العلاقة الجدلية بينهما، لا يستغنيان عن بعضهما البعض، ولا يرضيان بالطأطأة أحدهما للآخر، لكنهما موجودان، فاعلان، ومن دونهما لا معنى للحياة ولا استمرارية لها.
يحوم العمل حول فكرة هذا الثنائي، مع حضور معزول في النص باسلوب رشيق متناغم، متدفق لا يترك مجالاً أبداً لأي أخذ ورد، مع تنويع في الوجوه والأدوار يأخذ إلى مدارات أرحب من الخشبة، لكن على الدوام هناك خيّط رفيع يعيد الجميع إلى حظيرة الود والحنان والتضامن، مع كمٍ هائل من الاندفاع  والحس الجماعي بالمسؤولية عمّا يقدم.
الحضور فوجئوا بما يرون.
الجميع قالوا ما أروع المسرحيات التي تعيش زمنها ثم تحكم أزمنة أخرى بكثير من القوة والثبات، لقد أمتعت وأضحكت وحرّكت رغم أن سنها تجاوز الثلاثين عاماً بقليل، وهذا عنصر قوة للعمل وفعل يفترض النظر إليه على أنه قوة بصيرة لمخرجه وكاتبه «سلامة» فليس سهلاً تأمين معالجة فنية تعيش هكذا من دون تعديل في النص، طبعاً جاء التعديل في الوجوه التي قدمت العمل لأن المطلوب حيوية شباب على الخشبة كما تابعنا، في صالة كانت مكتظة حتى الكمال التام.
أحببنا كثيراً «طرة نقشة».
وأحببنا هذا النوع من المسرح الذي يدخل صميم الإنسان بتؤدة ويستوطن العقل والروح معاً وهو في النهاية قابل للحياة أطول فترة ممكنة طالماً أن الصبي والبنت هما موضوعه ومحور الأحداث فيه.