بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 تشرين الأول 2019 12:24ص عامر مشموشي في كتابه «كمال جنبلاط.. أسرار ومواقف» أعاد تصويب البوصلة نحو فكر وإنسانية «المعلِّم»

غلاف الكتاب غلاف الكتاب
حجم الخط
سامح الله الصديق الأخ العزيز د. عامر مشموشي..

فقد جعلني، وهو الصحافي العتيق والكاتب الأديب والمؤرّخ الصادق، أغرق - من حيث أراد أو لم يقصد - وعلى مدى يومين، بين دفّتي كتابه الجديد «كمال جنبلاط.. أسرار ومواقف»، لاستكشف منه ما غاب عني من «مواقف وأسرار» حدثت في زمن كان لبنان فيه يعيش مأساة حرب أهلية قاتلة، وكنت أنا فيه خارج لبنان، في العاصمة المصرية بإقامة شبه دائمة، «بعيداً عن السمع» كما يقال، وحيث إنهماكاتي كلها كانت بإدارة «مكتب شركة أبو ذر الغفاري للطباعة والإعلام»، فكنت مسؤولاً عن وضع رسائل صحفية أسبوعية لثلاث مجلات لبنانية شهيرة يومذاك: «كفاح العربي» و«إستراتيجيا» و«سامر»، وذلك بعد أن تولّيت من عاصمة النيل إطلاق وإدارة تحرير مطبوعة أسبوعية جديدة: مجلة «فن» النقدية المتخصّصة..

وفي ظل هذه المسؤولية الصحافية، كان من الطبيعي، وأنا البعيد عن لبنان، ان أغفل عن متابعة تفاصيل «كل» ما كان يجري في وطني من أحداث، ليأتي اليوم كتاب د. عامر مشموشي «كمال جنبلاط.. أسرار ومواقف» ويعيد ذاكرتي إلى أحداث هذه «المرحلة المفقودة»، المليئة بالوقائع الساخنة التي غيّرت من وقائع التاريخ اللبناني والعربي والعالمي، وليبدِّل من قناعات معيّنة، جرّاء المعلومات التي اكتسبتها بعد القراءة، ولتثبّت بالتالي عندي أعرافاً جديدة ما كنت لأتعرّف عليها، لولا كتاب «كمال جنبلاط.. أسرار ومواقف» الذي تطابق عنوانه مع مضمونه بشكل متكامل، بعدما تضمّن الكثير من الأسرار والمواقف المجهولة، عند الغالبية من عامة اللبنانيين والعرب، من حياة الراحل «المعلّم» - كما يحلو للكاتب عن قناعة أن يسمّيه - الذي اكتسب حب النّاس واحترام زعماء العالم، بمن فيهم الأخصام أيضاً!؟

محطات كثيرة استوقفتني في هذا الكتاب، بفضل المضمون أولاً، والأسلوب السردي - الروائي الذي اعتمده د. عامر مشموشي، ثانياً، في صياغة كتابه، فكنت أشبه بمن يقرأ رواية جذّابة، لذيذة، برغم مرارة كلماتها في أحيان كثيرة، لروائي ومؤرّخ وصحافي عايش أبطال روايته لحظة بلحظة، وتعايش مع كل أحداثها، لكن تبقى المحطة الأكثر تعبيراً عن حقيقة إنسانية «بطل» الرواية، الراحل الكبير كمال جنبلاط، تلك التي وردت في الصفحة 201 تحت عنوان «جلسة يوغية.. وسباحة»، ومن خلال سطورها، أكتشفت زهد كمال جنبلاط بكل مغريات الدنيا الزائفة، وتمسّكه فقط بالطبيعة التي هي من خلق الخالق سبحانه وتعالى، وإلى حدود «السباحة» في «بركة» ذات مياه ربانية معدنية، موقعها معروف لنفر قليل جدا، وحيث أقام هذا «الزاهد المعلم» عرزالاً متواضعاً وضع فيه «فرشتين» لزوم الاستراحة أو النوم.. «عرزال» يقع في أعلى الجلول الجبلية، ويطلُّ على بعض حدائق أشجار التفاح والدراقن والكرز، بعضه للـ «بيك» وبعضها الآخر للـ «جيران».

فهذا الزعيم الذي التفّ الملايين من حوله، يشارك «الجيران» بـ «جل» أو أكثر من الفاكهة، وكان بإمكانه - لو شاء - استثمار «الجلول» كلّها.. وهو يسبح في «بركة» ربانية، مياها معدنية، وليس في «بيسين» مجهّز بكل الكماليات في فندق 5 نجوم، ويخلد للراحة في «عرزال» مجهّز بـ «فرشتين»؟!

«كمال جنبلاط.. أسرار ومواقف» أضاء على الكثير الكثير من المحطات في حياة «المعلّم» الراحل وان كان من عجب في كل ما أضاء عليه المؤلف، فهو أنه كلّه، ما زال صالحاً، بل صار ضرورة، اليوم، فالراحل الكبير كان «إستثنائياً» في فكره، وفي آرائه وفي مواقفه الوطنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، وهذه «الإستثنائية» عرّفتنا بكل أسراره ومواقفه، وبذلك اكتشفنا، بعد مرور 40 عاماً ونيّف على استشهاده، انها ما زالت تصلح للأزمنة الراهنة، والقادمة، وهنا ربما، تكمن عبقرية إنسانية وفكر كمال جنبلاط..

وكل الشكر للصديق الكاتب «الروائي» والمؤرّخ والصحافي المتميّز د. عامر مشموشي على هديته الغالية.






abed.salam1941@gmail.com