بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 أيار 2024 12:00ص عبد الإله بلقزيز رمز للثقافة العربية ومنارة وسيف من سيوفها

حجم الخط
 معن بشور

نهنّئ المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم (الاليكسو) لإختيارها المفكر العربي الكبير د. عبد الإله بلقزيز رمزاً للثقافة العربية، كما جرى من قبل اختيار الفنانة العربية الكبيرة فيروز والشاعر العربي الكبير الراحل محمود درويش للجائزة ذاتها، تقديراً لما قدّمه هؤلاء الرموز لأمتهم من إبداع وثقافة.
لقد جمعتني بالمفكر الكبير بلقزيز علاقة فكرية ونضالية منذ ان إلتقينا في صنعاء في «ندوة الوحدة العربية» التي نظمها «مركز دراسات الوحدة العربية» وعلى رأسها الرمز العروبي الكبير الراحل الدكتور خير الدين حسيب بالتعاون مع جامعة صنعاء ورئيسها آنذاك الرمز الثقافي والعروبي الكبير الراحل الدكتور عبد العزيز المقالح، والتي تم فيها التوافق على تأسيس المؤتمر القومي العربي كإطار للتحاور والتشاور بين نخبة عربية يجمعها همّ إطلاق مشروع نهضوي عربي في إطار مستقل عن كل ارتهان أو تبعية لأي جهة، وكان الدكتور بلقزيز مع المؤرخ الجزائري الحالي الدكتور مصطفى نويصر من أصغر الأعضاء سناً.
كما جرى في تلك الندوة الدعوة الى تشكيل إطار للتفاعل والتعارف بين شباب الأمة ولتعريفهم بوطنهم العربي، فكان مخيم الشباب القومي العربي، الذي كان بلقزيز مع نخبة من الأخوة من المشرفين على استمرار انعقاده كل عام لسنوات تأكيداً على ان اهتمام العمل القومي بالشباب هو اهتمام بالمستقبل.
ثم جمعتني بالدكتور بلقزيز في مثل هذه الأيام من عام 1990 الدورة التأسيسية للمؤتمر القومي العربي في تونس، ليستقبلني بعد عام في مطار الدار البيضاء - المغرب، في أواخر شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 1990 (أي قبل 34 عاماً) لنوجّه الدعوات الى الدورة الثانية للمؤتمر التي انعقدت في عمان في الأردن بعد حرب الخليج الأولى، فتدين غزو الكويت كما تدين الحرب الاطلسية على العراق (عام 1991)، وندعو الى رفع الحصار الجائر عن شعبه، ونحذّر من مخاطر غزوه..
ومنذ أوائل تسعينات القرن الماضي حتى اليوم جمعتني بالدكتور بلقزيز مؤتمرات وندوات وملتقيات ومواقف وأيام صعبة، وأصعب ما فيها عدم فهم البعض لطبيعة تجربتنا وحرصنا على تحلّي مواقفنا بالمبدئية والأخلاقية والموضوعية والاستقلالية، وكانت بوصلتنا في كل مواقفنا فلسطين وتحريرها، والمواطن وحريته وحقوقه، والأمة واستقلالها وتقدّمها، في ضوء المشروع النهضوي العربي الذي كان للدكتور بلقزيز الفضل الأكبر في صياغته بشكله النهائي في ضوء مناقشات شارك فيها المئات من المفكرين من التيارات القومية والإسلامية واليسارية والليبرالية الوطنية، ناهيك عن دوره المعروف في العمل ليل نهار، وحتى سنوات قليلة، من أجل متابعة ومواكبة الإنتاج النوعي الكبير الذي صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية.
ومن هنا لم يكن يصدر للدكتور بلقزيز كتاب، وهو الذي أصدر العشرات من الكتب، إلاّ وأسارع الى قراءته مستفيداً من أفكاره الغنية، مستمتعاً ببلاغة أدبية راقية تعكس ثقافة عربية عميقة.
لم يفهم الدكتور بلقزيز الثقافة حياداً في الموقف كما فعل بعض المثقفين.. بل كان صارماً كالسيف يختلف معه البعض ويوافقه البعض الآخر..
لهذا لا يمكن اعتبار بلقزيز مجرّد رمز من رموز الثقافة العربية فحسب، بل كان منارة من مناراتها وسيفاً من سيوفها.