بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 تموز 2018 12:04ص عدسة بدرو الصفدي التي تجادل الأشياء من حولها وتتركها في حوار دائم مع الضوء

حجم الخط
لفتتني فوتوغرافيا صور الفنان الفرنسي «لودفيك فلوران» واخذتني دهشة معاييره التصويرية، ولكني توقفت عند اسلوب معين في اسلوبه التصويري ولم اكمل الباقي، لان الحركة اخذت الجزء الاكبر في اسلوبه التعبيري الفوتوغرافي ان صح القول. لكني فوجئت بفوتوغرافي من لبنان، ومن مدينة طرابلس تحديدا يلتقط صوراً فوتوغرافية ببراعة جيومترية ان حاولنا جمع الخيوط الضوئية التي يؤلفها. اذ تختلف رؤية الفوتوغرافي الفنان» بدر الصفدى» او «بدرو الصفدى» كما اطلق على نفسه (Pedro safadi) من حيث بناء الصورة اثناء تشكيلها في العدسة اي قبل خروجها الى النور. لتشكل نوعا من التحكم بالاخراج الضوئي الذي يحدد الخطوط الاولى لصورة تبدو للوهلة الاولى تلقائية. الا انه يؤلف فلسفة تعكس اسلوبه الجيومتري الميال الى التحكم بالضوء. المبني على قيمة الموضوع، وابراز معناه البصري باختصار في الفراغات المطلوبة. لجذب البصر نحو فكرة معينة يريد بدرو ايصالها فوتوغرافيا الى الحواس، ومن ثم الى العقل المحلل لخيوط الضوء التي ترسم الشكل وفق مقاييس ومعايير يطبقها داخل العدسة. ومن ثم يعمل على تطويرها لاظهارها فوتوغرافيا بشكل مدروس ومتوالف مع الضوء والعتمة او الاسود والابيض ، حتى استكمال الالوان لبعضها البعض او التعشق اللوني ان صح التعبير. خاصة بين الذكر والانثى او بين الضوء والضوء نفسه في فترات تؤثر الانعكاسات فيها على العدسة، وينتظرها بفارغ الصبر. لتشكل ثورة في اعماله الفوتوغرافية التي تثير الدهشة، وان لم يشعر المتلقي بالحداثة المعاصرة فيها لانه لم يعتمد على الفوتوشوب كليا، ولم يترك للعدسة حرية الاختيار.  فعقلانية البصر عنده تجمع بؤرة الضوء وتضيق الدائرة بحيث يجمع الكثير في القليل عبر خطوط الضوء المتناسقة مع بعضها والمتنافرة مع العتمة او الفراغ العدمي الذي ينفيه رغم تمسكه به في صوره الميالة الى خلق الدهشة عند المتلقي.  رغم انه ينافس بعضه البعض من حيث ممارسة التضاد على المواضيع التي يتحدى ذاته بها. او بالاحرى يتحدى العدسة كصوره للمرأة بحجابها التي تفرض عليك تأملها وصوره للمرأة غير المحجبة التي تفرض عليك نوعا من القناعة ان صورة الانسان الداخلية هي التي تجعلها تتصف بالجمالية، وان التقطتها عدسة «بدرو الصفدي» التي تجادل الاشياء من حولها وتتركها في حوار دائم مع الضوء. فهل يمكن اننا نختار العتمة لتنير لنا تفاصيل الرؤية التي ننتظر شعلة الضوء فيها؟ 
قد يظن البعض اني ابالغ الا اني حاولت جمع نقاط الضوء في اكثر الصور التي يطرحها بصريا امام المتلقي. لتؤلف النقاط في كل مرة عدة اشكال جيومترية صحيحة تتداخل فيها الخطوط انعكاسيا بشكل ملفت جدا، مما يجعلها مدروسة ضوئيا وبعدة اشكال لتثير متعة بصرية تجعلك تنتظر كل صورة يلتقطها ذات موضوع خاص. فهو لا يلتقط الصور لمجرد الالتقاط الضوئي، وانما للتأليف الفوتوغرافي الفيزيائي اولا والجيومتري ثانيا ، ومن ثانيا لتكون الصورة هي الجزء النفسي الذي يحتاج للتحليل البصري لفهم ما ورائية الصورة واهدافها وقدرتها على المحاكاة. فكيف تموت جمالية عدسة فوتوغرافية باتت موجودة في كل خليوي وعبر كل غالبية الالات التي نستخدمها، ونحن نستمتع بالصور التي تفرض نوعا من معادلات الضوء على المتلقي، فيعترف بقوتها ويدرك فلسفتها ويتأمل عمق العتمة والضوء فيها، وبدهشة فنية يتركها «بدرو الصفدي» في اعماله وان اختلفت المواضيع. وهذا ما جعلني اكتب عن هذا الفوتوغرافي الطرابلسي الاصل والمقيم في الخارج والمعروف ببدرو الصفدي. 
اعمال الفنان اللبناني «بدرو الصفدى»  (Pedro safadi). 


dohamol@hotmail.com